قعوده حراما إذا قام برضاه؛ لأنه أسقط حق نفسه. وتورع ابن عمر لوجهين؛ أحدهما، أنه ربما استحيى منه إنسان فقام له من مجلسه من طيب قلبه أو من غيره، فسدَّ ابن عمر هذا الباب، الثاني، أن الإيثار لمحل الفضلية مكروه وخلاف الأولى، كالقيام من الصف الأول إلى الثاني، فترك ذلك ابن عمر لئلا يرتكب أحدٌ خلاف الأولى لأجله، والإيثار إنما عهد بحظوظ النفس وأمور الدنيا دون الفضائل.

1208 - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكل أحدكم طعامًا فلا يمسح يده حتى يَلعَقَها أو يُلعِقَها". متفق عليه (?).

قوله: "يَلعقها". بفتح الياء من الثلاثي، أي يَلعقها هو. وقوله: "أو يلعقها". بضم الياء من الرباعي، أي يُلعقها غيره، واللعق هو المص.

الحديث فيه دلالة وإرشاد إلى أن من سنن الأكل لعق اليد بعد الطعام حتي يزيل ما عليها من أثر الطعام قبل أن يمسحها بالمنديل. وفيه دلالة على جواز مسح اليد بالمنديل لكن بعد اللعق منه أو من غيره، وعلل ذلك - صلى الله عليه وسلم - بأن لا يدري الآكل في أي الطعام البركة، هل فيما أكل أو فيما بقي على الأصابع، أو ما بقي في الصحفة، أو ما سقط من اليد عند الأكل؟ كما في رواية لمسلم (?) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلعق الأصابع والصحفة وقال: "إنكم لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015