لقوله تعالى: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (?). وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إلا اللَّمَمَ} (?). وقوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (?). وفي الأحاديث الصحيحة ما هو صريح في ذلك؛ ولذلك قال الغزالي (?): لا يليق إنكار الفرق بين الكبائر والصغائر، وقد عرفا من مدارك الشارع. وقال بعضهم: إنه لا خلاف في المعنى، وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق؛ لإجماع الكل على أن من المعاصي ما يقدح في العدالة، ومنها ما لا يقدح، وإنما فر الأولون من تسمية المعصية صغيرة نظرًا إلى عظمة الله وشدة عقابه وإجلاله عَزَّ وَجَلَّ عن تسمية معصيته صغيرة. ثم اختلف القائلون بالفرق في حدّ الكبيرة؛ فقال النووي في "الروضة" (?): هي ما لحق صاحبها عليها بخصوصها وعيد شديد بنص كتاب أو سنة. ولفظ: شديد. قيد واقع لا مخصص. وقال البغوي (?): كل معصية أوجبت الحد. وهذا الحد منتقض بكبيرة وقع النص عليها بأنها كبيرة ولا حد؛ كأكل الربا، وعقوق الوالدين، وغير ذلك. وقال بعضهم: كل ما نص الكتاب على تحريمه، أو وجب في جنسه حد، أو ترك فريضة تجب فورا، والكذب في الرواية واليمين وكل قول خالف الإجماع العام. وقال بعضهم: كل جريمة (أ) تؤذن بقلة اكتراث