فإن الإبل حل أكلها ولم تَفُتْ بذلك منفعة الحمل عليها وغيرها. وأما الحديث فقد عرفت ما فيه، فلا يقاوم الأحاديث الصحيحة المحلة لها. وأجاب أبو داود (?) بأن حديث خالد منسوخ، ولم يبين ناسخه، وكذا قال النسائي (?): الأحاديث في الإباحة أصح، وهذا إن صح كان منسوخًا. وكأنه لما تعارض عنده الحديثان، ورأى في حديث خالد: نَهَى. وفي حديث جابر: أذِن. حمل الإذن على نسخ التحريم، وهذا احتمال لا يثبت به النسخ. وقرر الحازمي (?) النسخ، وقال: حديث خالد ذهب نفر إلى أن الحكم فيه منسوخ. وذكر حديث جابر، ثم قال: قالوا: والرخصة تستدعي سابقية منع، وكذلك لفظ الإذن، قالوا: ولو لم يرد لفظ الرخصة والإذن لكان يمكن أن يقال: القطع بنسخ أحد الحكمين متعذر؛ لاستبهام التاريخ في الجانبين، وإذ ورد لفظ الإذن تبين أن الحظر مقدم والرخصة متأخرة، فتعين المصير إليها. قال: وقال الآخرون ممن أجاز الأكل: الاعتماد على الأحاديث التي تدل على جواز الأكل لثبوتها وكثرة رواتها، وأما حديث النهي فهو ورد في [قضية] (أ) معينة وليس هو مطلقًا دالًّا على الحظر. ثم قال: وذلك إنما نهى عن أكل [الخيل] (ب) يوم خيبر؛ لأنهم تسارعوا في طبخها قبل أن تخمَّس، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإكفاء القدور تشديدًا عليهم وإنكارًا لصنيعهم،