وقد يمكن الجمع مع بُعده أن ذلك الثوب هو قطيفة، وأنه من ثياب الكعبة، ولعله كان في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يوضع على الكعبة، وهو مهدى لها، والأرجح الأول، فتقرر أن المذكورة قد وقع منها السرقة، فرواية أنها جحدت العارية لا تدل على أن القطع كان لها؛ أما أولًا: فلأنها مخالفة لمفهوم الآية الكريمة، فإن مفهوم الصفة يدل على أنه لا قطع بغير السرقة. وثانيًا: إمكان أن يقال: إن ذكر العارية إنما هو لمجرد التعريف بما اشتهر من وصف المرأة المذكورة، فالعارية وجحدها قد صار لها خلقًا معروفًا، فعرفت المرأة به، والقطع كان للسرقة. وهذا معنى ما أجاب به الخطابي (?)، وتلقاه عنه غيره من الأئمة كالبيهقي والنووي (أ) (?). ويؤيد هذا ما قيل في ذكر فاطمة رضي الله عنها، وقد نزهها الله تعالى وطهرها عن نسبة مثل هذا النقص إليها. ويؤيد هذا حديث (?): "ليس على خائن، ولا مختلس، ولا منتهب، قطع". وهو حديث قوي، أخرجه الأربعة، وصححه أبو عوانة والترمذي من طريق ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رفعه. وصرح ابن جريج في رواية النسائي بقوله: أخبرني أبو الزبير. وقال النسائي: رراه الحفاظ من أصحاب ابن جريج عنه عن أبي الزبير، ولم يصرح أحد منهم بالتحديث عن أبي الزبير، في لا أحسبه سمعه منه. وصرح ابن القطان بأنه من معنعن أبي الزبير، إلا أنه يخدش فيه أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه عن جابر. لكن أخرجه ابن حبان من وجه آخر عن جابر بمتابعة أبي الزبير،