فدل على الإمهال للاستتابة، وأن إظهار الأيمان يحصن من القتل، وقد قام الإجماع على أن أحكام الدين على الظاهر، والله يتولى السرائر، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لأسامة: "هلا شققت عن قلبه" (?). وقال للذي ساره في قتل رجل: "أليس يصلي؟ ". قال: نعم. قال: "أولئك الذين نهيت عن قتلهم" (?). والأحاديث في هذا كثيرة، واستدل لمن لم يقبل التوبة، بأن توبة الزنديق لا تعرف، قالوا: وإنما لم يقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - المنافقين للتأليف، والجواب عنه بأن الظاهر من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - التغاضي عن المنافقين مع ظهور الإسلام وقوة شوكته، وطلب جماعة من الصحابة لقتل من ظهر نفاقه، وإجابته - صلى الله عليه وسلم - في حق البعض بقوله: "أليس يصلي؟ "."أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ " وذلك للاكتفاء بظاهر الإسلام، وإن ظهر منه ما يدل على أن باطنه يخالف ما ظهر منه، وأن الأحكام الشرعية [بنيت] (أ) على المعاملة بالظاهر والله يتولى السرائر، فمهما كانت اليد مع المسلمين، فحكم الإسلام جار عليه.
والزنديق بكسر أوله وسكون ثانيه، قال أبو حاتم (?): هو فارسي معرب أصله زَنْدَهْ كَرْدْ، أي يقول بدوام الدهر؛ لأن زَنْدَهْ الحياة، وكَرْدْ العمل، ويطلق على من يكون دقيق النظر في الأمور. وقال ثعلب (?): ليس في كلام العرب زنديق، وإنما قالوا: زندقي. لمن يكون شديد التحيل، وإذا أرادوا ما