إلى أن التقديم واجب، والحجة على ذلك أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - للآية الكريمة، ففيه دلالة على أن التقديم معتبر واجب، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - لهلال: "البينة وإلا حدٌّ في ظهرك" (?). فكان لدفع الحد عن الرجل، فلو بدأ بالمرأة لكان دافعًا لأمر لم يثبت، ولأن الرجل يمكنه أن يرجع بعد أن يلتعن، فيندفع عن المرأة. وذهب أبو حنيفة وابن القاسم من المالكية إلى أنه يصح البداءة بالمرأة؛ لأن الآية الكريمة لا تدل على لزوم البداءة بالرجل، ولم يكن في الحديث صيغة دلالة. والجواب عنه ما تقدم، وإذا بُدئ بالمرأة فعند الأولين يجب الإعادة ما لم يحكم الحاكم، وعند الشافعي: يعيد ولو حكم؛ لمخالفة النص. والجواب عنه: أن المسألة ظنية، والحكم [ينفذ] (أ) في الظني.
وقوله: ثم فرق بينهما. فيه دلالة على أنه لا تقع الفرقة إلا بتفريق الحاكم، ولا تقع بمجرد اللعان. وقد ذهب إلى هذا الهدوية والحنفية ورواية عن أحمد، وقال به محمد بن أبي صفرة من المالكية، ثم اختلفوا في هذا التفريق لو أكذب نفسه؛ فقال أبو حنيفة ومحمد بن [الحسن] (ب) وعبيد الله بن الحسن: إنه يجوز له نكاحها. وهو رواية عن أحمد، وقال أبو يوسف: هو تحريم مؤبد (?). والذي عليه جمهور العلماء حصول الفرقة باللعان من غير توقف على تفريق، وبه قال مالك والشافعي (?) وأحمد وزفر، ثم قال