قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المكاتب رق ما بقي عليه درهم" (?).
وذهب ابن مسعود وربيعة وأبو حنيفة والشافعي وبعض المالكية ومالك في رواية عنه إلى أنه لا يجوز بيعه، قالوا: لأنه قد خرج عن ملك السيد، بدليل تحريم الوطء والاستخدام، وكبيع ما قد بيع. وظاهر خلافهم عدم الجواز مطلقا، سواء فسخ عقد الكتابة أو لم يفسخ، والظاهر من استدلالهم وتأويلهم خبر بريرة بأن ذلك بعد الفسخ، وأن مع الفسخ يتفقون على جواز البيع. وذهب الهادي وأبو طالب وغيرهما إلى أنه يجوز بيعه برضاه إلى من يعتقه وإن لم يفسخ، واحتجوا بما وقع في حديث بريرة، فإن البيع كان إلى من يعتق، وظاهره أنه من دون فسخ. وقد أجيب عنه بأنه يحتمل أن ذلك ليس شراء للرقبة، وإنما هو من شراء الكتابة ويدل عليه ما وقع في رواية: فإن أحبوا أن أقضي عنكِ كتابتكِ ويكون ولاؤك لي. فإنه يشعر بأن المشترى هو الكتابة لا الرقبة، وأنه من باب قضاء الكتابة خاصة، ولكنه يضعفهما ما وقع في رواية: "ابتاعي". وأنه هل قال بذلك قائل معين: إنه يصح شراء الكتابة نفسها أو يؤدي مال الكتابة ويكون الولاء للمؤدي؟ والظاهر أنه لم يقل به أحد.
وفي الحديث دلالة على أن شرط البائع لهذا الأمر، وكذا ما أشبهه من الشروط، وهو ما لا يكسب البيع ولا الثمن جهالة ولا يرفع موجب العقد، لا يفسد العقد، بل يلغو الشرط ويصح العقد. وسيأتي الكلام في الشروط.