وقوله "الغراب" وقع في هذه الطريق بذكر الغراب مطلقًا، وفي رواية ابن المسيب عن عائشة عند مسلم مقيدًا بالأبقع (?)، وهو الذي في ظهره أو بطنه بياض، وأخذ بهذا التقييد بعضُ أصحاب الحديث واختاره ابن خزيمة (?) وهو القاعدة في حمل المطلق على المقيد، وقد أعل ابن بطال هذه الزيادة بأنها من رواية قتادة عن سعيد وهو مدلس، وقد شذ بذلك، وأجيب عنه: بأن الراوي عن قتادة هو شعبة، وهو لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم، وقد صرح النسائي أيضًا عن شعبة بسماع قتادة (?)، وأما الشذوذ فهذه زيادة من الثقة الحافظ، وهي مقبولة، قال ابن قدامة: يلتحق بالأبقع ما شاركه في الإيذاء وتحريم الأكل (?).
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب، ويقال له غراب الزرع، ويقال له الزاغ، وأفتوا بجواز أكله فبقي ما عداه من الغربان ملتحقًا بالأبقع، انتهى (?).
وعموم كلام القاسم الرسي يقضي بمثل هذا وإن كان ظاهر كلام المُؤَيَّد وأبي طالب أن غراب الزرع لا يحل أكله ومثل (أ) الأبقع العداف، قال ابن قدامة وهو غراب البين، والمعروف عند أهل اللغة أنه الأبقع، وقيل إنه سمي غراب البين لأنه بان عن نوح - عليه السلام - لما أرسله من السفينة