تحتمل ثلاث وعشرين، وتحتمل ليلة سبعة وعشرين، وبهذا يتغاير هذا القول فيما مضى.

الخامس والأربعون: أنها في سبع أو ثمان من أول النصف الثاني روى الطحاوي من طريق عطية بن عبد الله بن أنيس عن أبيه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر، فقال: "تحروها في النصف الأخير" ثم عاد فسأله فقال: "إلى ثلاث وعشرين" قال: فكان عبد الله يُحيي ليلة ست عشرة إلى ليلة ثلاث وعشرين ثم يقصر، وجميع هذه الأقوال التي حكيناها من الثالث متفقة على إمكان حصولها والحث على التماسها.

وقال ابن العربي: الصحيح أنها لا تعلم، وهذا يصلح أن يكون قولًا آخر وأنكر هذا النووي، وقال قد تضافرت الأحاديث بإمكان العلم بها، وأخبر به جماعة من الصالحين فلا معنى لإنكار ذلك، ونقل الطحاوي عن أبي يوسف قولًا جوز منه أنه يرى أنها ليلة أربع وعشرين أو سبع وعشرين، فإن ثبت ذلك فهو قول آخر، وهذا آخر ما وقفت عليه من الأقوال، وبعضها يمكن رده إلى بعض، وإن كان ظاهرها التغاير، وأرجحها كلها أنها في وتر العشر الأخير، وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث هذا الباب، وأرجاها أوتار، الوتر عند الشافعية إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين على ما في حديثي أبي سعيد وعبد الله بن أنيس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين وقد تقدمت أدلة ذلك. انتهى ما ذكره المصنف -رحمه الله- بحروفه وقد استكملته لجمعه لهذه الفوائد التي تعسر الاطلاع عليها.

قال العلماء: والحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها، وقد تقدم مثل ذلك في ساعة الجمعة، والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015