أمره: إنها سُنَّةٌ وليسب بواجبة (?)، وقالوا: معنى "فَرَضَ" قَدّر، فلا يدل على الوجوب، ويُجَاب بأن الظاهر منه الوجوب لا سيما مع قوله: "على العبد ... " إلخ، وقوله: "زكاة الفطر".

وقال أبو حنيفة: هي واجبة غير فرض بناء على التفرقة بينهما عنده، وقال إبراهيم بن عُلَيّة والأصم أن وجوبها منسوخ، واستدل لهما بما رواه النسائي وغيره عن قيس بن عُبَادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - قال: "أمَرنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطرْ قبلَ أن تنزل الزكاةُ، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله" (?)، وأجيب بأن في إسناده راويًا مجهولًا (?) كما تقدم في أول الزكاة، ولا دلالة فيه على النسخ؛ لأن قوله: "لم يأمرنا ولم ينهنا" لا يدل على ذلك، فإنه ربما ترك ذلك اعتمادًا على الأمر الأول، ولأنه قد علم أن شرعيته فريضة مستقلة لا يلزم منه نسخ ما تقدمها من الفرائض، وأيضَا فهي داخلة في عموم قوله تعالى: {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (?) ومن جملتها زكاة الفِطرْ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها كذلك، وقال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} (?) فإن كثيرًا من السلف فسر التزكية بزكاة الفطر وإن كانت السورة مكية ولم يكن في مكة بفروض لا زكاة ولا غيرها فهو قد يتقدم نزول الحكم على سببه، [وقد فرض صوم رمضان بعد ما حولت الكعبة بشهر على رأس ثمانية عشر شهرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015