مسلم (?).
قوله "مَئِنّة" بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة .. أي مما يعرف به فقه الرجل، وكل شيء دل على شيء فهو مئنة له (أ) وحقيقتها أنها مفعلة من معنى أن الشيء للتحقيق غير مشتقة من لفظها، لأن الحروف لا يشتق منها، وإنما ضمنت حروفها دلالة على أن معناها فيها ولو قيل: إنها اشتقت من لفظها بعد ما جعلت اسمًا لكان قولًا (ب)، ومنْ أغرب ما قيل فيها: إن الهمزة بدل من ظاء المظنة كذا في "النهاية" (?)، وعلى هذا فالميم زائدة، وقد صرح بزيادتها الأزهري.
قال الهروي (?): وغلط أبو عبيدة فجعل الميم أصلية. وإنما كان قِصَر الخطبة علامة لفقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على حقائق المعاني وجوامع الألفاظ، يتمكن من التعبير بالعبارة الجامعة الجزلة المفيدة، ولذلك كان من تمام رواية هذا الحديث: "فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، وإنَّ من البيان لسحرًا"، فشبه الكلام العامل في القلوب الجاذب للعقول بالسحر لأجل ما اشتمل عليه من الجزالة، وتناسق الدلالة، وإفادته المعاني الكثيرة، ووقوعه في مجازه من الترغيب والترهيب ونحو ذلك، ولا