فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ حَادِي عَشَرَ الْمُحَرَّمِ حَضَرَ إِلَى الدِّيوَانِ أَبُو الْوَفَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْعَقِيلِيُّ الْحَنْبَلِيُّ، وَقَدْ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ كِتَابًا يَتَضَمَّنُ تَوْبَتَهُ مِنَ الِاعْتِزَالِ وَمُخَالَطَةِ أَهْلِهِ، وَأَنَّهُ رَجَعَ عَنِ اعْتِقَادِ كَوْنِ الْحَلَّاجِ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ، وَقَدْ رَجَعَ عَنِ الْجُزْءِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ قَدْ قُتِلَ بِإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ أَهْلِ عَصْرِهِ، وَقَدْ كَانُوا مُصِيبِينَ وَهُوَ مُخْطِئٌ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي الْكِتَابِ، وَرَجَعَ مِنَ الدِّيوَانِ إِلَى دَارِ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَصَالَحَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، وَعَظَّمَهُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
كَانَ السُّلْطَانُ قَدْ سَارَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ فِي مِائَتَيْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ يُرِيدُ غَزَاةَ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ فَاتَّفَقَ فِي بَعْضِ الْمَنَازِلِ أَنَّهُ غَضِبَ عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: يُوسُفُ الْخُوَارَزْمِيُّ، فَأُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَشَرَعَ يُعَاتِبُهُ فِي أَشْيَاءَ صَدَرَتْ مِنْهُ، ثُمَّ أَمَرَ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَوْتَادٍ وَيُصْلَبَ بَيْنَهَا، فَقَالَ لِلسُّلْطَانِ: يَا مُخَنَّثٌ أَمِثْلِي يُقْتَلُ هَكَذَا؟ فَاحْتَدَّ السُّلْطَانُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَرَ بِإِرْسَالِهِ، وَأَخَذَ الْقَوْسَ فَرَمَاهُ بِسَهْمٍ فَأَخْطَأَهُ، وَأَقْبَلَ يُوسُفُ نَحْوَ السُّلْطَانِ فَنَهَضَ السُّلْطَانُ عَنِ السَّرِيرِ، فَنَزَلَ فَعَثَرَ، فَوَقَعَ فَأَدْرَكَهُ يُوسُفُ فَضَرَبَهُ بِخَنْجَرٍ كَانَ فِي يَدِهِ فِي خَاصِرَتِهِ، وَأَدْرَكَهُ الْجَيْشُ فَقَتَلُوهُ، وَقَدْ جُرِحَ السُّلْطَانُ جُرْحًا مُنْكَرًا، فَتُوُفِّيَ فِي يَوْمِ السَّبْتِ عَاشِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ وَيُقَالُ إِنَّ أَهْلَ بُخَارَا