قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فَمِنَ الْحَوَادِثِ فِيهَا: أَنَّهُ كَانَ عَلَى ثَلَاثِ سَاعَاتٍ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ الْحَادِي عَشَرَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى وَهُوَ الثَّامِنَ عَشَرَ مِنْ آذَارَ كَانَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ بِالرَّمْلَةِ وَأَعْمَالِهَا فَذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَانْهَدَمَ سُورُهَا، وَعَمَّ ذَلِكَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَتِنِّيسَ وَانْخَسَفَتْ أَيْلَةُ وَانْجَفَلَ الْبَحْرُ حَتَّى انْكَشَفَتْ أَرْضُهُ وَمَشَى نَاسٌ فِيهِ ثُمَّ عَادَ، وَتَغَيَّرَتْ إِحْدَى زَوَايَا جَامِعِ مِصْرَ، وَتَبِعَتْ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ فِي سَاعَتِهَا زَلْزَلَتَانِ أُخْرَيَانِ.
وَفِيهَا تَوَجَّهُ مَلِكُ الرُّومِ مِنْ قُسْطَنْطِينِيَّةَ إِلَى الشَّامِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ فَنَزَلَ عَلَى مَنْبِجَ، وَأَحْرَقَ الْقُرَى مَا بَيْنَ مَنْبِجَ إِلَى أَرْضِ الرُّومِ، وَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَسَبَى نِسَاءَهُمْ، وَفَزِعَ الْمُسْلِمُونَ بِحَلَبَ وَغَيْرِهَا مِنْهُ فَزَعًا عَظِيمًا، فَأَقَامَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ مَا مَعَهُمْ مِنَ الْمِيرَةِ وَهَلَاكِ أَكْثَرِ جَيْشِهِ بِالْجُوعِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِيهَا ضَاقَتْ يَدُ أَمِيرِ مَكَّةَ فَأَخَذَ الذَّهَبَ مِنْ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَالْمِيزَابِ وَبَابِ الْكَعْبَةِ، فَضَرَبَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ وَكَذَلِكَ فَعَلَ صَاحِبُ الْمَدِينَةِ بِالْقَنَادِيلِ