اسْتَهَلَّتْ وَبَغْدَادُ فِي قَبْضَةِ الْبَسَاسِيرِيِّ، وَيَخْطُبُ فِيهَا لِلْمُسْتَنْصِرِ الْفَاطِمِيِّ، وَالْقَائِمُ قَاعِدٌ بِحَدِيثَةِ عَانَةَ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ ثَانِي عَشَرَ صَفَرٍ أَحْضَرَ الْبَسَاسِيرِيُّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيَّ وَجَمَاعَةً مِنَ الْوُجُوهِ وَالْأَعْيَانِ مِنَ الْعَلَوِيِّينَ، وَأَخَذَ عَلَيْهِمُ الْبَيْعَةَ لِلْمُسْتَنْصِرِ الْفَاطِمِيِّ، ثُمَّ دَخَلَ دَارَ الْخِلَافَةِ وَهَؤُلَاءِ الْمَذْكُورُونَ مَعَهُ، وَأَمَرَ بِنَقْضِ تَاجِ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَنُقِضَتْ بَعْضُ الشَّرَارِيفِ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الْقُبْحَ فِي هَذَا أَكْثَرُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ، فَتَرَكَهُ، ثُمَّ رَكِبَ إِلَى زِيَارَةِ الْمَشْهِدِ بِالْكُوفَةِ، وَعَزَمَ عَلَى حَفْرِ نَهْرٍ يُسَاقُ إِلَى الْحَائِرِ لِوَفَاءِ نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ، وَأَمَرَ بِأَنْ تُنْقَلَ جُثَّةُ ابْنِ مُسْلِمَةَ إِلَى مَا يُقَارِبُ الْحَرِيمَ الطَّاهِرِيَّ، وَأَنْ تُنْصَبَ عَلَى دِجْلَةَ، وَكَتَبَتْ إِلَيْهِ أُمُّ الْخَلِيفَةِ - وَكَانَتْ عَجُوزًا كَبِيرَةً قَدْ بَلَغَتِ التِّسْعِينَ، وَهِيَ مُخْتَفِيَةٌ فِي مَكَانٍ - إِلَى الْبَسَاسِيرِيِّ تَشْكُو إِلَيْهِ الْحَاجَةَ وَالْفَقْرَ وَضِيقِ الْحَالِ،