قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ احْتَرَقَتْ قَطِيعَةُ عِيسَى، وَسُوقُ الطَّعَامِ، وَالْكَنِيسُ، وَأَصْحَابُ السَّقْطِ، وَبَابُ الشَّعِيرِ، وَسُوقُ الْعَطَّارِينَ، وَسُوقُ الْعَرُوسِ، وَالْأَنْمَاطِ، وَالْخَشَّابِينَ، وَالْجَزَّارِينَ، وَالتَّمَّارِينَ، وَالْقَطِيعَةِ، وَسُوقُ مُحَوَّلٍ، وَنَهْرُ الدَّجَاجِ، وَسُوَيْقَةُ غَالِبٍ وَالصَّفَّارِينَ وَالصَّبَّاغِينَ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَاضِعِ، وَهَذِهِ مُصِيبَةٌ أُخْرَى مَا بِالنَّاسِ مِنَ الْغَلَاءِ وَالْفَنَاءِ.
وَفِيهَا كَثُرَ الْعَيَّارُونَ بِبَغْدَادَ، وَأَخَذُوا الْأَمْوَالَ جِهَارًا، وَكَبَسُوا الدُّورَ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكُبِسَتْ دَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ مُتَكَلِّمِ الشِّيعَةِ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُهُ وَمَنَابِرُهُ وَدَفَاتِرُهُ الَّتِي كَانَ يَسْتَعْمِلُهَا فِي بِدْعَتِهِ، وَيَدْعُو إِلَيْهَا أَهْلَ نِحْلَتِهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِيهَا دَخَلَ الْمَلِكُ طُغْرُلْبَكُ بَغْدَادَ عَائِدًا إِلَيْهَا مِنَ الْمَوْصِلِ وَقَدْ تَسَلَّمَهَا وَاسْتَعَادَهَا مِنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَسَلَّمَهَا إِلَى أَخِيهِ إِبْرَاهِيمَ يَنَّالَ، فَأَحْسَنَ فِيهِمُ السِّيرَةَ، وَحَسُنَتْ مِنْهُ الْعَلَانِيَةُ وَالسَّرِيرَةُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ، فَتَلَقَّاهُ الْأُمَرَاءُ وَالْوُزَرَاءُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، وَأَحْضَرَ لَهُ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ خِلْعَةً مِنَ الْخَلِيفَةِ فَرَجِيَّةً مُجَوْهَرَةً فَلَبِسَهَا،