طُغْرُلْبَكَ فَبَلَغَ هَذَا الْأَمْرُ الْعَجِيبُ سَائِرَ الْمُلُوكِ، فَعَظَّمُوا الْمَلِكَ طُغْرُلْبَكَ تَعْظِيمًا زَائِدًا، وَخَطَبَ لَهُ نَصْرُ الدَّوْلَةِ بْنُ مَرْوَانَ بِالْجَزِيرَةِ.
وَفِيهَا وَلِيَ مَسْعُودُ بْنُ مَوْدُودِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ سُبُكْتِكِينَ الْمُلْكَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِيهِ، وَكَانَ صَغِيرًا، فَمَكَثَ أَيَّامًا، ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ مَسْعُودٍ، ثُمَّ نَازَعَهُ عَمُّهُ عَبْدُ الرَّشِيدِ بْنُ مَحْمُودٍ، فَاسْتَقَرَّ الْمُلْكُ بِيَدِهِ وَانْعَزَلَ عَلِيُّ بْنُ مَسْعُودٍ، وَهَذَا أَمْرٌ غَرِيبٌ جِدًّا، فَلِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ.
وَفِيهَا مَلَكَ الْمِصْرِيُّونَ مَدِينَةَ حَلَبَ وَأَجْلَوْا عَنْهَا صَاحِبَهَا ثُمَالَ بْنَ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ.
وَفِيهَا كَانَ بَيْنَ الْبَسَاسِيرِيِّ وَبَيْنَ بَنِي عُقَيْلٍ حَرْبٌ.
وَفِيهَا مَلَكَ الْبَسَاسِيرِيُّ الْأَنْبَارَ مِنْ يَدِ قِرْوَاشٍ، فَأَصْلَحَ أُمُورَهَا.
وَفِي شَعْبَانَ مِنْهَا سَارَ الْبَسَاسِيرِيُّ إِلَى طَرِيقِ خُرَاسَانَ وَقَصَدَ نَاحِيَةَ الدَّزْدَارِ وَمَلَكَهَا، وَغَنِمَ مَالًا كَثِيرًا كَانَ فِيهَا، وَكَانَ سُعْدَى بْنُ أَبِي الشَّوْكِ قَدْ حَصَّنَهَا.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: فِي ذِي الْحِجَّةِ ارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ سَوْدَاءُ لَيْلًا، فَزَادَتْ عَلَى ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، وَظَهَرَ فِي جَوَانِبِ السَّمَاءِ كَالنَّارِ الْمُضْرَمَةِ، فَانْزَعَجَ النَّاسُ لِذَلِكَ، وَخَافُوا وَأَخَذُوا فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ، فَانْكَشَفَ فِي بَاقِي اللَّيْلِ بَعْدَ سَاعَةٍ.