بِأَعْبَاءِ الْمَمْلَكَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَاسْمُهُ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَالِيُّ، وَكَانَ الظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ قَدِ اسْتَوْزَرَ الصَّاحِبَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيَّ - وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ - فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ مُدَّةَ وِلَايَةِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُسْتَنْصِرِ، حَتَّى تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ الْجَرْجَرَائِيُّ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ قَدْ سَلَكَ فِي وِزَارَتِهِ الْعِفَّةَ الْعَظِيمَةَ، وَكَانَ الَّذِي يُعَلِّمُ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُضَاعِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ " الشِّهَابِ "، وَكَانَتْ عَلَامَتَهُ عَنْهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ شُكْرًا لِنِعْمَتِهِ. وَكَانَ الَّذِي قَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ الْحَاكِمُ ; لِخِيَانَةٍ ظَهَرَتْ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَلَمَّا فُقِدَ الْحَاكِمُ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ، ثُمَّ تَمَلَّكَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الظَّاهِرُ الْمَذْكُورُ، تَنَقَّلَتْ بِالْجَرْجَرَائِيِّ الْمَذْكُورِ الْأَحْوَالُ حَتَّى اسْتَوْزَرَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَا.
وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ:
يَا أَحْمَقًا اسْمَعْ وَقُلْ ... وَدَعِ الرَّقَاعَةَ وَالتَّحَامُقْ
أَأَقَمْتَ نَفْسَكَ فِي الثِّقَا ... تِ وَهَبْكَ فِيمَا قُلْتَ صَادِقْ
فَمِنَ الْأَمَانَةِ وَالتُّقَى ... قُطِعَتْ يَدَاكَ مِنَ الْمَرَافِقْ
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعَالِبِيُّ
وَيُقَالُ: الثَّعْلَبِيُّ - وَهُوَ لَقَبٌ