فِي الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الْأَسْفَهْسِلَارِيَّةِ وَبَيْنَ الْعَيَّارِينَ، وَرَكِبَتْ لَهُمُ الْأَتْرَاكُ بِالدَّبَادِبِ، كَمَا يُفْعَلُ فِي الْحَرْبِ، وَأُحْرِقَتْ أَبْوَابٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الدُّورِ الَّتِي احْتَمَى فِيهَا الْعَيَّارُونَ، وَأُحْرِقَ مِنَ الْكَرْخِ جَانِبٌ كَبِيرٌ، وَنُهِبَ أَهْلُهُ، وَتَعَدَّى النَّهْبُ إِلَى غَيْرِهِ أَيْضًا، وَكَانَتْ فِتْنَةً هَائِلَةً شَنِيعَةً، ثُمَّ خَمَدَتْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَقُرِّرَ عَلَى أَهْلِ الْكَرْخِ مِائَةُ أَلْفِ دِينَارٍ مُصَادَرَةً ; لِإِثَارَتِهِمُ الْفِتَنَ وَالشُّرُورَ.
وَفِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخَرِ شَهِدَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ الصَّيْمَرِيُّ عِنْدَ قَاضِي الْقُضَاةِ ابْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ بَعْدَمَا كَانَ اسْتَتَابَهُ عَمَّا ذُكِرَ عَنْهُ مِنَ الِاعْتِزَالِ.
وَفِي رَمَضَانَ مِنْهَا انْقَضَّ كَوْكَبٌ سُمِعَ لَهُ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ الرَّعْدِ، وَوَقَعَ فِي سَلْخِ شَوَّالٍ بَرَدٌ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَجَمَدَ الْمَاءُ طُولَ هَذِهِ الْمُدَّةِ، حَتَّى حَافَّاتِ دِجْلَةَ وَالْأَنْهَارِ الْكِبَارِ، وَقَاسَى النَّاسُ شِدَّةً عَظِيمَةً، وَتَأَخَّرَ الْمَطَرُ وَزِيَادَةُ دِجْلَةَ، وَقَلَّتِ الزِّرَاعَةُ، وَامْتَنَعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَنْ