وَحَبَسَهُمْ وَنَفَاهُمْ، وَأَمَرَ بِلَعْنِهِمْ عَلَى مَنَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِبْعَادِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَطَرْدِهِمْ عَنْ دِيَارِهِمْ، وَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً فِي الْإِسْلَامِ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْحَاجِبُ الْكَبِيرُ شَبَاشَى أَبُو طَاهِرٍ
مَوْلَى شَرَفِ الدَّوْلَةِ، وَلَقَّبَهُ بَهَاءُ الدَّوْلَةِ بِالسَّعِيدِ، وَكَانَ كَثِيرَ الصَّدَقَةِ وَالْأَوْقَافِ عَلَى وُجُوهِ الْقُرُبَاتِ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ دَبَاهَا عَلَى الْمَارَسْتَانِ، وَكَانَتْ تُغِلُّ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ وَالْخَرَاجِ، وَبَنَى قَنْطَرَةَ الْخَنْدَقِ وَالْيَاسِرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَمَّا دُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، أَوْصَى أَنْ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ فَخَالَفُوهُ، فَعَقَدُوا عَلَى قَبْرِهِ قُبَّةً فَسَقَطَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِنَحْوٍ مَنْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَاجْتَمَعَ نِسْوَةٌ عِنْدَ قَبْرِهِ يَنُحْنَ وَيَبْكِينَ، فَلَمَّا رَجَعْنَ رَأَتْ عَجُوزٌ مِنْهُنَّ - كَانَتْ هِيَ الْمُقَدَّمَةَ فِيهِنَّ - فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ تُرْكِيًّا خَرَجَ إِلَيْهَا مِنْ قَبْرِهِ وَمَعَهُ دَبُّوسٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا وَزَجَرَهَا، فَإِذَا هُوَ الْحَاجِبُ السَّعِيدُ، فَانْتَبَهَتْ مَذْعُورَةً.