رَحِمَهُ اللَّهُ. وَقَدْ ذَكَرْتُ تَرْجَمَتَهُ مُسْتَقْصَاةً فِي " طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ "، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَذَكَرَ ابْنُ خَلِّكَانَ فِي الْوَفِيَّاتِ أَنَّ الْقُدُورِيَّ قَالَ: هُوَ أَفْقَهُ وَأَنْظَرُ مِنَ الشَّافِعِيِّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: وَلَيْسَ هَذَا مُسَلَّمًا إِلَى الْقُدُورِيِّ ; فَإِنَّ أَبَا حَامِدٍ وَأَمْثَالَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الشَّافِعِيِّ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
نَزَلُوا بِمَكَّةَ فِي قَبَائِلِ نَوْفَلٍ ... وَنَزَلْتُ بِالْبَيْدَاءِ أَبْعَدَ مَنْزِلِ
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: وَلَهُ مِنَ الْمُصَنَّفَاتِ " التَّعْلِيقَةُ الْكُبْرَى "، وَلَهُ كِتَابُ " الْبُسْتَانِ " وَهُوَ صَغِيرٌ، فِيهِ غَرَائِبُ. قَالَ: وَقَدِ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي بَعْضِ الْمُنَاظَرَاتِ، فَأَنْشَأَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَقُولُ:
جَفَاءٌ جَرَى جَهْرًا لَدَى النَّاسِ وَانْبَسَطْ ... وَعُذْرٌ أَتَى سِرًّا فَأَكَّدَ مَا فَرَطْ
وَمَنْ ظَنَّ أَنْ يَمْحُو جَلِيَّ جَفَائِهِ ... خَفِيُّ اعْتِذَارٍ فَهْوَ فِي أَعْظَمِ الْغَلَطْ
كَانَتْ وَفَاتُهُ لَيْلَةَ السَّبْتَ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيتْ مِنْ شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِدَارِهِ بَعْدَمَا صُلِّيَ عَلَيْهِ بِالصَّحْرَاءِ، وَكَانَ الْجَمْعُ كَثِيرًا وَالْبُكَاءُ غَزِيرًا، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى مَقْبَرَةِ بَابِ حَرْبٍ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَبَلَغَ مِنَ الْعُمُرِ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.