وَعَلَيْهِ اشْتَغَلَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ، وَكَانَ مُعَظَّمًا فِي النُّفُوسِ، مُقَدَّمًا عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ كَسْبِ يَدِهِ مِنَ النَّسْجِ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ مَالِكٍ الْقَطِيعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَخَرَجَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَلَمَّا عَطِشَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ اسْتَنَدَ هُوَ إِلَى حَجَرٍ هُنَاكَ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ بِقَلِيلٍ مِنْ مَاءٍ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ حَامِدٍ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ فَقَالَ: مَا هَذَا وَقْتُهُ، اشْرَبْ. فَقَالَ: بَلَى، هَذَا وَقْتُهُ عِنْدَ لِقَاءِ اللَّهِ تَعَالَى. فَلَمْ يَشْرَبْ وَمَاتَ مِنْ فَوْرِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَلِيمٍ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَلِيمِيُّ
صَاحِبُ " الْمِنْهَاجِ " فِي أُصُولِ الدِّيَانَةِ، كَانَ أَحَدَ مَشَايِخِ الشَّافِعِيَّةِ، وُلِدَ بِجُرْجَانَ، وَحُمِلَ إِلَى بُخَارَى، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ حَتَّى انْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْمُحَدِّثِينَ فِي عَصْرِهِ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ بِبُخَارَى. قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: انْتَهَتْ إِلَيْهِ الرِّيَاسَةُ فِيمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَلَهُ وُجُوهٌ حَسَنَةٌ فِي الْمَذْهَبِ، وَرَوَى عَنْهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
فَيْرُوزُ، أَبُو نَصْرٍ الْمُلَقَّبُ بَهَاءَ الدَّوْلَةِ بْنُ عَضُدِ الدَّوْلَةِ الدَّيْلَمِيُّ
صَاحِبُ بَغْدَادَ وَالْعِرَاقِ، وَهُوَ الَّذِي قَبَضَ عَلَى الطَّائِعِ وَوَلَّى الْقَادِرَ، وَكَانَ يُحِبُّ الْمُصَادَرَاتِ، فَجَمَعَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ مِنْ بَنِي بُوَيْهِ، وَكَانَ بَخِيلًا جِدًّا، تُوُفِّيَ بِأَرَّجَانَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَتِسْعَةِ أَشْهُرٍ