فِي سَادِسَ عَشَرَ الْمُحَرَّمِ قُلِّدَ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْمُوسَوِيُّ نِقَابَةَ الطَّالِبِيِّينَ فِي سَائِرِ الْمَمَالِيكِ، وَقُرِئَ تَقْلِيدُهُ فِي دَارِ الْوَزِيرِ فَخْرِ الْمُلْكِ، بِمَحْضَرِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ، وَخُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ، وَهُوَ أَوَّلُ طَالِبِيٍّ خُلِعَ عَلَيْهِ السَّوَادُ.
وَفِيهَا جِيءَ بِأَمِيرِ بَنِي خَفَاجَةَ أَبِي فُلَيْتَةَ، قَبَّحَهُ اللَّهُ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ رُءُوسِ قَوْمِهِ أُسَارَى، وَكَانُوا قَدِ اعْتَرَضُوا الْحَجِيجَ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ وَهُمْ رَاجِعُونَ، وَغَوَّرُوا الْمَنَاهِلَ الَّتِي يَرِدُهَا الْحُجَّاجُ، وَوَضَعُوا فِيهَا الْحَنْظَلَ، بِحَيْثُ إِنَّهُ مَاتَ مِنَ الْعَطَشِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَأَخَذُوا بَقِيَّتَهُمْ، فَجَعَلُوهُمْ رُعَاةً لِمَوَاشِيهِمْ فِي أَسْوَإِ حَالٍ، وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُمْ مِنَ الْأَحْمَالِ وَالْجِمَالِ، فَحِينَ أَحْضَرَهُمُ الْوَزِيرُ فَخْرُ الْمُلْكِ سَجَنَهُمْ وَمَنَعَهُمُ الْمَاءَ، ثُمَّ صَلَبَهُمْ تِلْقَاءَ دِجْلَةَ يَرَوْنَ صَفَاءَ الْمَاءِ، وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى مَاتُوا كَذَلِكَ جَزَاءً وِفَاقًا، وَلَقَدْ أَحْسَنَ فَخْرُ الْمُلْكِ فِي هَذَا الصَّنِيعِ وَاقْتَدَى بِحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الرِّعَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْحَدِيثُ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ". ثُمَّ بَعَثَ إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ اعْتُقِلُوا فِي بِلَادِ بَنِي خَفَاجَةَ مِنَ الْحُجَّاجِ فَجِيءَ بِهِمْ، وَقَدْ تَزَوَّجَتْ نِسَاؤُهُمْ، وَقُسِمَتْ