فِيهَا غَزَا يَمِينُ الدَّوْلَةِ مَحْمُودُ بْنُ سُبُكْتِكِينَ بِلَادَ الْهِنْدِ، فَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، وَأَخَذَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً وَجَوَاهِرَ نَفِيسَةً، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَا وَجَدَ بَيْتٌ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا، وَعَرْضُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا مَمْلُوءًا فِضَّةً، وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى غَزْنَةَ بَسَطَ هَذِهِ الْحَوَاصِلَ كُلَّهَا فِي صَحْنِ دَارِهِ، وَأَذِنَ لِرُسُلِ الْمَلِكِ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَرَأَوْا مَا بَهَرَهُمْ وَهَالَهُمْ.
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَقَعَ بِبَغْدَادَ ثَلْجٌ عَظِيمٌ، بِحَيْثُ بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ذِرَاعًا وَنِصْفًا، وَمَكَثَ أُسْبُوعًا لَمْ يَذُبْ، وَبَلَغَ سُقُوطُهُ إِلَى تِكْرِيتَ وَالْكُوفَةِ وَعَبَّادَانَ وَالنَّهْرَوَانَاتِ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَثُرَتِ الْعَمَلَاتُ خَفِيَّةً وَجَهْرَةً، حَتَّى مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْمَشَاهِدِ، ثُمَّ ظَفِرَ أَصْحَابُ الشُّرْطَةِ بِكَثِيرٍ مِنْهُمْ فَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَكَحَلُوهُمْ وَشَهَرُوهُمْ، فَخَمَدَتِ الْفِتْنَةُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.