فَوَلَّاهُ الْمَلِكُ بَعْدَ أَخِيهِ، وَاسْتَوْزَرَ ابْنَ عَبَّادٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ أَخِيهِ مُؤَيِّدِ الدَّوْلَةِ. تُوُفِّيَ عَنْ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، مِنْهَا مُدَّةَ مُلْكِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً وَعَشَرَةُ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَتَرَكَ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْئًا كَثِيرًا ; مِنْ ذَلِكَ مِنَ الذَّهَبِ مَا يُقَارِبُ ثَلَاثَةَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ نَحْوًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفَ قِطْعَةٍ، يُقَارِبُ قِيمَتُهَا ثَلَاثَ آلَافِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَوَانِي الذَّهَبِ زِنَتُهُ أَلْفُ أَلْفِ دِينَارٍ، وَمِنَ الْفِضَّةِ زِنَتُهُ ثَلَاثَةُ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَمِنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةُ آلَافِ حِمْلٍ، وَخِزَانَةُ السِّلَاحِ أَلْفَا حِمْلٍ، وَمِنَ الْفُرُشِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ حِمْلٍ، وَمِنَ الْأَمْتِعَةِ مَا يَلِيقُ بِالْمُلُوكِ، وَمَعَ هَذَا لَيْلَةَ تُوُفِّيَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَصُولٌ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْمَالِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ كَفَنٌ إِلَّا ثَوْبُ رَجُلٍ مِنَ الْمُجَاوِرِينَ فِي الْمَسْجِدِ، وَاشْتَغَلُوا عَنْهُ بِالْمُلْكِ حَتَّى تَمَّ لِوَلَدِهِ رُسْتُمَ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَنْتَنَ الْمَلِكُ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدٌ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَرَبَطُوهُ فِي حِبَالٍ وَجَرُّوهُ عَلَى دَرَجِ الْقَلْعَةِ، فَتَقَطَّعَ، فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
ابْنُ سَمْعُونَ الْوَاعِظُ، مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ سَمْعُونَ الْوَاعِظُ
أَحَدُ الصُّلَحَاءِ وَالْعُلَمَاءِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: النَّاطِقُ بِالْحِكْمَةِ، رَوَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ وَطَبَقَتِهِ، وَكَانَ لَهُ يَدٌ طُولَى فِي الْوَعْظِ وَالتَّدْقِيقِ فِي الْمُعَامَلَاتِ، وَكَانَتْ لَهُ كَرَامَاتٌ وَمُكَاشَفَاتٌ، كَانَ يَوْمًا يَعِظُ النَّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَتَحْتَهُ أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْقَوَّاسِ، وَكَانَ مِنَ الصَّالِحِينَ الْمَشْهُورِينَ، فَنَعَسَ ابْنُ الْقَوَّاسِ، فَأَمْسَكَ ابْنُ سَمْعُونَ عَنِ الْوَعْظِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ، فَحِينَ اسْتَيْقَظَ