الْكَلَامِ عَلَى النَّاسِ، وَقَدْ كَانَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا مِمَّنْ يُبِيحُ السَّمَاعَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَلِيٍّ، فَعَاتَبَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَأَنْشَدَ أَبُو طَالِبٍ:
فَيَا لَيْلُ كَمْ فِيكَ مِنْ مُتْعَةٍ ... وَيَا صُبْحُ لَيْتَكَ لَمْ تَقْرَبِ
فَخَرَجَ عَبْدُ الصَّمَدِ مُغْضَبًا.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ بِشْرَانَ: دَخَلْتُ عَلَى شَيْخِنَا أَبِي طَالِبٍ الْمَكِّيِّ وَهُوَ يَمُوتُ، فَقُلْتُ: أَوْصِنِي، فَقَالَ: إِذَا خُتِمَ لِي بِخَيْرٍ فَانْثُرْ عَلَى جِنَازَتِي لَوْزًا وَسُكَّرًا، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَعْلَمُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: اجْلِسْ عِنْدِي، وَيَدُكَ فِي يَدِي، فَإِنْ قَبَضْتُ عَلَى يَدِكَ، فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ خُتِمَ لِي بِخَيْرٍ، قَالَ: فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ وَيَدِي فِي يَدِهِ، فَلَمَّا حَانَ فِرَاقُهُ، قَبَضَ عَلَى يَدِيَ قَبْضًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رُفِعَ عَلَى جِنَازَتِهِ، نَثَرْتُ اللَّوْزَ وَالسُّكَّرَ عَلَى نَعْشِهِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: تُوُفِّيَ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ بِالْقُرْبِ مِنْ جَامِعِ الرُّصَافَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْعَزِيزُ صَاحِبُ مِصْرَ
نِزَارُ بْنُ الْمُعِزِّ مَعَدٍّ أَبِي تَمِيمٍ، وَيُكَنَّى نِزَارٌ هَذَا بِأَبِي مَنْصُورٍ، وَيُلَقَّبُ بِالْعَزِيزِ، تُوُفِّيَ عَنْ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، مِنْهَا وِلَايَتُهُ بَعْدَ أَبِيهِ إِحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً وَخَمْسَةُ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْحَاكِمُ، وَالْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي