الْمَوْضِعَ، فَمَانَعُوهُ وَرَاجَعُوهُ، فَحَبَسَهُمْ عَنِ الْمَسِيرِ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ مَا يَلْحَقُوا الْحَجَّ فِيهِ، فَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ، وَلَمْ يَحُجَّ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَحُجَّ مِنَ الرَّكْبِ الشَّامِيِّ وَلَا أَهْلِ الْيَمَنِ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا حَجَّ أَهْلُ مِصْرَ وَالْمَغْرِبِ خَاصَّةً.
وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ قُلِّدَ الشَّرِيفُ أَبُو الْحَسَنِ الزَّيْنَبِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي تَمَّامٍ الزَّيْنَبِيُّ نِقَابَةَ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَقُرِئَ عَهْدُهُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْأَعْيَانِ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زَهْرُونَ بْنِ حَبُّونَ
الْحَرَّانِيُّ، الْكَاتِبُ الصَّابِئُ، صَاحِبُ التَّصَانِيفِ وَالرَّسَائِلِ لِلْخَلِيفَةِ وَلِعِزِّ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، وَكَانَ عَلَى دِينِ الصَّابِئَةِ إِلَى مَمَاتِهِ، وَكَانَ مَعَ هَذَا يَصُومُ رَمَضَانَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانَ يَحْفَظُهُ حِفْظًا حَسَنًا، وَيَسْتَعْمِلُ مِنْهُ فِي رَسَائِلِهِ، وَكَانُوا يَحْرِصُونَ عَلَى أَنْ يُسْلِمَ، فَلَمْ يَفْعَلْ، وَلَهُ شِعْرٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ. وَقَدْ رَثَاهُ الشَّرِيفُ الرَّضِيُّ وَقَالَ: إِنَّمَا رَثَيْتُ فَضَائِلَهُ.