وَكَانَ زَاهِدًا لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، كَانَ يَنْسَخُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَ وَرَقَاتٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، تَكُونُ مِنْهَا نَفَقَتُهُ وَقُوتُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِنَحْوِ الْبَصْرِيِّينَ، وَيَنْتَحِلُ مَذْهَبَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فِي الْفِقْهِ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى ابْنِ مُجَاهِدٍ وَاللُّغَةَ عَلَى ابْنِ دُرَيْدٍ وَالنَّحْوَ عَلَى ابْنِ السَّرَّاجِ وَالْمَبْرَمَانِ، وَنَسَبَهُ بَعْضُهُمْ إِلَى الِاعْتِزَالِ، وَأَنْكَرَهُ آخَرُونَ.
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِمَقْبَرَةِ الْخَيْزُرَانِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الزِّنْجَانِيُّ، وَيُعْرَفُ بَالْآبَنْدُونِيِّ
رَحَلَ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ إِلَى الْآفَاقِ، وَرَافَقَ ابْنَ عَدِيٍّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ، ثُمَّ سَكَنَ بَغْدَادَ وَحَدَّثَ بِهَا عَنْ أَبِي يَعْلَى، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ ثِقَةً ثَبَتًا لَهُ مُصَنَّفَاتٌ، زَاهِدًا، رَوَى عَنْهُ الْبَرْقَانِيُّ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَذَكَرَ أَنَّ أَكْثَرَ أَكْلِهِ الْخُبْزُ الْمَأْدُومُ بِمَرَقِ الْبَاقِلَّاءِ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِنْ تَقَلُّلِهِ وَزُهْدِهِ وَوَرَعِهِ، وَتُوَفِّي عَنْ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ وَرْقَاءَ، الْأَمِيرُ أَبُو أَحْمَدَ الشَّيْبَانِيُّ مِنْ أَهْلِ