كُلِّهِمْ، وَنِعْمَ مَا فَعَلَ. وَكَانَتِ الْخُطْبَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ لِلْفَاطِمِيِّينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ دُونَ الْعَبَّاسِيِّينَ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
الْمَلِكُ عِزُّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارُ بْنُ مُعِزِّ الدَّوْلَةِ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَدَ بْنِ بُوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ
مَلَكَ بَعْدَ أَبِيهِ وَعُمُرُهُ فَوْقَ الْعِشْرِينَ سَنَةً بِقَلِيلٍ، وَكَانَ حَسَنَ الْجِسْمِ، شَدِيدَ الْبَطْشِ، قَوِيَّ الْقَلْبِ جِدًّا، يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ بِقَوَائِمِ الثَّوْرِ الشَّدِيدِ، فَيُلْقِيهِ إِلَى الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أَعْوَانٍ، وَيَتَقَصَّدُ الْأُسُودَ فِي مُتَصَيِّدَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ كَثِيرَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالْإِقْبَالِ عَلَى اللَّذَّاتِ.
وَلَمَّا كَسَرَهُ ابْنُ عَمِّهِ بِبِلَادِ الْأَهْوَازِ، كَانَ فِيمَا أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِ غُلَامٌ لَهُ كَانَ يُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَبَعَثَ يَتَرَقَّقُ لِابْنِ عَمِّهِ فِيهِ حَتَّى يَرُدَّهُ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ بِتُحَفٍ كَثِيرَةٍ وَأَمْوَالٍ جَزِيلَةٍ وَجَارِيَتَيْنِ عَوَّادَتَيْنِ، لَا قِيمَةَ لَهُمَا، وَبَعَثَ نَقِيبَ الْأَشْرَافِ فِي ذَلِكَ، فَرَدَّ عَلَيْهِ الْغُلَامَ الْمَذْكُورَ، فَكَثُرَ تَعْنِيفُ النَّاسِ لِعِزِّ الدَّوْلَةِ، وَسَقَطَ مِنْ أَعْيُنِ الْمُلُوكِ، فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ذَهَابُ هَذَا الْغُلَامِ أَشُدُّ عَلَيَّ مِمَّا جَرَى مِنْ أَخْذِ بَغْدَادَ بَلْ وَأَرْضِ الْعِرَاقِ. ثُمَّ آلَ مِنْ أَمْرِهِ أَنَّهُ أَسَرَهُ ابْنُ عَمِّهِ عَضُدُ الدَّوْلَةِ،