فِيهَا تُوُفِّيَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ بُوَيْهِ، وَقَدْ جَاوَزَ السَّبْعِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ أَيَّامُ وِلَايَتِهِ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَقَبْلَ مَوْتِهِ فِي السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ قَسَّمَ مُلْكَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ عُمِلَتْ ضِيَافَةٌ فِي دَارِ ابْنِ الْعَمِيدِ بِأَصْبَهَانَ حَافِلَةٌ، حَضَرَهَا رُكْنُ الدَّوْلَةِ وَبَنُوهُ وَأَعْيَانُ دَوْلَتِهِ، فَعَهِدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ إِلَى ابْنِهِ عَضُدِ الدَّوْلَةِ، وَخَلَعَ عَضُدُ الدَّوْلَةِ عَلَى إِخْوَتِهِ وَسَائِرِ الْأُمَرَاءِ الْأَقْبِيَةَ وَالْأَكْسِيَةَ عَلَى عَادَةِ الدَّيْلَمِ، وَحَيَّوْهُ بِالرَّيْحَانِ عَلَى عَادَتِهِمْ أَيْضًا، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، ثُمَّ تُوُفِّيَ رُكْنُ الدَّوْلَةِ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَدْ كَانَ سَائِسًا حَلِيمًا وَقُورًا، كَثِيرَ الصَّدَقَاتِ، مُحِبًّا لِلْعُلَمَاءِ، فِيهِ إِيثَارٌ وَكَرَمٌ كَثِيرٌ، وَحُسْنُ عِشْرَةٍ وَرِيَاسَةٍ عَلَى أَقَارِبِهِ وَدَوْلَتِهِ وَرَعِيَّتِهِ.
وَحِينَ تَمَكَّنَ ابْنُهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ قَصَدَ الْعِرَاقَ لِيَأْخُذَهَا مِنِ ابْنِ عَمِّهِ عِزِّ الدَّوْلَةِ بَخْتِيَارَ لِسُوءِ سِيرَتِهِ وَرَدَاءَةِ سَرِيرَتِهِ، فَالْتَقَوْا فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِأَرْضِ الْأَهْوَازِ، فَهَزَمَهُ عَضُدُ الدَّوْلَةِ، وَأَخَذَ أَثْقَالَهُ وَأَمْوَالَهُ، وَبَعَثَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَأَخَذَهَا، وَأَصْلَحَ بَيْنَ أَهْلِهَا حَيَّيْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ، وَقَدْ كَانَ بَيْنَهُمَا خُلْفٌ مُتَقَادِمٌ مِنْ نَحْوِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَتْ مُضَرُ تَمِيلُ إِلَيْهِ، وَرَبِيعَةُ عَلَيْهِ، ثُمَّ اتَّفَقَ