فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بَيْنَ الشِّيعَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ، وَنُهِبَتِ الْكَرْخُ. وَفِي جُمَادَى الْآخِرَةِ تَقَلَّدَ الْقَاضِي أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ قَضَاءَ الْقُضَاةِ.
وَفِيهَا خَرَجَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عِمْرَانُ بْنُ شَاهِينَ كَانَ قَدِ اسْتَوْجَبَ بَعْضَ الْعُقُوبَاتِ، فَهَرَبَ مِنَ السُّلْطَانِ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَطَائِحِ، فَكَانَ يَقْتَاتُ مِمَّا يَصِيدُهُ مِنَ السَّمَكِ وَالطُّيُورِ، وَالْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الصَّيَّادِينَ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ، فَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُ، وَاسْتَعْمَلَهُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ الْبَرِيدِيِّ عَلَى جِبَايَةِ بَعْضِ تِلْكَ النَّوَاحِي، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِ مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ جَيْشًا مَعَ وَزِيرِهِ أَبِي جَعْفَرِ الصَّيْمَرِيِّ، فَهُزِمَ الْوَزِيرُ لَكِنَّهُ دَهَمَهُ أَمْرٌ، اشْتَغَلَ بِهِ عَنْهُ، وَذَلِكَ وَفَاةُ عِمَادِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ. وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ بُوَيْهِ
أَكْبَرُ أَوْلَادِ بُوَيْهِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَمَلَّكَ مِنْهُمْ، وَكَانَ عَاقِلًا حَازِمًا، حَمِيدَ السِّيرَةِ، رَئِيسًا فِي نَفْسِهِ، كَانَ أَوَّلُ ظُهُورِهِ فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا.