إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، فَانْظُرْ إِلَى الْمَزْبَلَةِ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى نَفْسِكَ فَخُذْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ ; فَإِنَّكَ مِنْهَا خُلِقْتَ، وَفِيهَا تَعَودُ، وَمِنْهَا تَخْرُجُ، وَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْرِفَ مَا أَنْتَ، فَانْظُرْ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْكَ عِنْدَ الْخَلَاءِ، فَلَا تَتَطَاوَلْ وَلَا تَتَكَبَّرْ عَلَى مَنْ هُوَ مِثْلُكَ.
وَكَانَ يُنْشِدُ:
وَتَحْسَبُنِي حَيًّا وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ... وَبَعْضِي مِنَ الْهِجْرَانِ يَبْكِي عَلَى بَعْضِ
وَأَنْشَدَ أَيْضًا:
وَكَذَّبْتُ طَرَفِي فِيكَ وَالطَّرْفُ صَادِقٌ ... وَأَسْمَعْتُ أُذْنِي فِيكَ مَا لَيْسَ تَسَمَعُ
وَلَمْ أَسْكُنِ الْأَرْضَ الَّتِي تَسْكُنُونَهَا ... لِكَيْ لَا يَقُولُوا إِنَّنِي بِكَ مُولَعُ
فَلَا كَبِدِي تَهْدَا وَلَا فِيكَ رَحْمَةٌ ... وَلَا عَنْكَ إِقْصَارٌ وَلَا فِيكَ مَطْمَعُ
وَأَنْشَدَ أَيْضًا:
فَيَا سَاقِيَ الْقَوْمِ لَا تَنْسَنِي ... وَيَا رَبَّةَ الْخِدْرِ غَنِّي رَمَلْ
خَلِيلَيَّ إِنْ دَامَ هَذَا الصُّدُودُ ... عَلَى مَا أَرَاهُ سَرِيعًا قَتَلْ
وَقَدْ كَانَ شَيْئًا يُسَمَّى السُّرُورَ ... قَدِيمًا سَمِعْنَا بِهِ مَا فَعَلْ
وَسُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنِ الرَّجُلِ يَسْمَعُ الشَّيْءَ فَلَا يَفْهَمُهُ، وَيَتَوَاجَدُ مَعَ ذَلِكَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ: