الدَّوْلَةِ أَخَاهُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ فِي جَيْشٍ وَرَاءَ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَرِيدِيِّ، فَلَقِيَهُ عِنْدَ الْمَدَائِنِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ، ثُمَّ كَانَ آخِرَ الْأَمْرِ أَنِ انْهَزَمَ أَبُو الْحُسَيْنِ إِلَى أَخِيهِ بِوَاسِطٍ، وَقَدْ رَكِبَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بِنَفْسِهِ، فَنَزَلَ الْمَدَائِنَ قُوَّةً لِأَخِيهِ.
وَقَدِ انْهَزَمَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ مَرَّةً مِنْ أَبِي الْحُسَيْنِ فَرَدَّهُ أَخُوهُ، وَزَادَهُ جَيْشًا آخَرَ حَتَّى كَسَرَ الْبَرِيدِيَّ، وَأَسَرَ جَمَاعَةً مِنْ أَعْيَانِ أَصْحَابِهِ، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ وَجَمٌّ غَفِيرٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ أَخَاهُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ إِلَى وَاسِطٍ لِقِتَالِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، فَانْهَزَمَ مِنْهُ الْبَرِيدِيُّ وَأَخُوهُ إِلَى الْبَصْرَةِ وَتَسَلَّمَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ وَاسِطًا، وَسَيَأْتِي مَا كَانَ مِنْ خَبَرِهِ مَعَ الْبَرِيدِيِّ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَمَّا نَاصِرُ الدَّوْلَةِ، فَإِنَّهُ عَادَ إِلَى بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا فِي ثَالِثِ عَشَرَ ذِي الْحِجَّةِ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ الْأَسَارَى عَلَى الْجِمَالِ، فَفَرِحَ النَّاسُ وَاطْمَأَنُّوا، وَنَظَرَ فِي الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ، وَأَصْلَحَ مِعْيَارَ الدِّينَارِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَجَدَهُ قَدْ غُيِّرَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، فَضَرَبَ دَنَانِيرَ سَمَّاهَا الْإِبْرِيزِيَّةَ، فَكَانَتْ تُبَاعُ كُلُّ دِينَارٍ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا كَانَ يُبَاعُ الَّتِي قَبْلَهَا بِعَشْرَةٍ.
وَعَزَلَ الْخَلِيفَةُ بَدْرًا الْخَرْشَنِيَّ عَنِ الْحِجَابَةِ، وَوَلَّاهَا سَلَامَةَ الطُّولُونِيَّ، وَجَعَلَ بَدْرًا عَلَى طَرِيقِ الْفُرَاتِ، فَسَارَ إِلَى الْإِخْشِيدِ فَأَكْرَمَهُ وَاسْتَنَابَهُ عَلَى دِمَشْقَ فَمَاتَ بِهَا.
وَفِيهَا وَصَلَتِ الرُّومُ إِلَى قَرِيبِ حَلَبَ، فَقَتَلُوا خَلْقًا، وَأَسَرُوا نَحْوًا مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفِ إِنْسَانٍ. فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِيهَا دَخَلَ الثَّمِلِيُّ مِنْ طَرَسُوسَ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ، فَقَتَلَ وَسَبَى وَغَنِمَ وَسَلِمَ، وَأَسَرَ مِنْ بَطَارِقَتِهِمُ الْمَشْهُورِينَ فِيهِمْ خَلْقًا كَثِيرًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.