فِي صَفَرٍ مِنْهَا كَانَ قُدُومُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى بْنِ الْوَزِيرِ مِنْ دِمَشْقَ إِلَى بَغْدَادَ وَقَدْ تَلَقَّاهُ النَّاسُ إِلَى أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، فَمِنْهُمْ مَنْ لَقِيَهُ إِلَى الْأَنْبَارِ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ. وَحِينَ دَخَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ الْمُقْتَدِرِ خَاطَبَهُ الْخَلِيفَةُ فَأَحْسَنَ مُخَاطَبَتَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَبَعَثَ وَرَاءَهُ بِالْفَرْشِ وَالْقُمَاشِ وَعِشْرِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، وَاسْتَدْعَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ، فَأَنْشَدَ وَهُوَ فِي الْخِلْعَةِ:
مَا النَّاسُ إِلَّا مَعَ الدُّنْيَا وَصَاحِبِهَا ... فَكَيْفَمَا انْقَلَبَتْ يَوْمًا بِهِ انْقَلَبُوا
يُعَظِّمُونَ أَخَا الدُّنْيَا فَإِنْ وَثَبَتْ ... يَوْمًا عَلَيْهِ بِمَا لَا يَشْتَهِي وَثَبُوا
وَجَاءَتِ الْكُتُبُ بِأَنَّ الرُّومَ دَخَلُوا سُمَيْسَاطَ وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا فِيهَا، وَنَصَبُوا فِيهَا خَيْمَةَ الْمُلْكِ، وَضَرَبُوا النَّاقُوسَ فِي الْجَامِعِ بِهَا، فَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ مُؤْنِسًا الْخَادِمَ بِالتَّجْهِيزِ لِلْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خِلْعَةً سَنِيَّةً، ثُمَّ جَاءَتِ الْكُتُبُ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَثَبُوا عَلَى الرُّومِ، فَقَتَلُوا مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا وَغَنِمُوا غَنَائِمَ كَثِيرَةً جِدًّا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.