وَلَدًا وَإِنْ كُنْتَ شَيْخًا كَبِيرًا؟! وَقَالَ تَعَالَى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90] . وَمَعْنَى إِصْلَاحِ زَوْجَتِهِ، أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَحَاضَتْ. وَقِيلَ: كَانَ فِي لِسَانِهَا شَيْءٌ ; أَيْ بَذَاءَةٌ. {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} [مريم: 10] أَيْ: عَلَامَةً عَلَى وَقْتَ تَعْلَقُ مِنِّي الْمَرْأَةُ بِهَذَا الْوَلَدِ الْمُبَشَّرِ بِهِ. {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} [مريم: 10] يَقُولُ: عَلَامَةُ ذَلِكَ أَنْ يَعْتَرِيَكَ سَكْتٌ، لَا تَنْطِقُ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا، وَأَنْتَ فِي ذَلِكَ سَوِيُّ الْخَلْقِ، صَحِيحُ الْمِزَاجِ، مُعْتَدِلُ الْبِنْيَةِ. وَأُمِرَ بِكَثْرَةِ الذِّكْرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ بِالْقَلْبِ، وَاسْتِحْضَارِ ذَلِكَ بِفُؤَادِهِ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ، فَلَمَّا بُشِّرَ بِهَذِهِ الْبِشَارَةِ، خَرَجَ مَسْرُورًا بِهَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ مِحْرَابِهِ. {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} [مريم: 11] وَالْوَحْيُ هَاهُنَا هُوَ الْأَمْرُ الْخَفِيُّ ; إِمَّا بِكِتَابَةٍ، كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ أَوْ إِشَارَةٍ، كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ - أَيْضًا - وَوَهْبٌ، وَقَتَادَةُ. قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعِكْرِمَةُ، وَوَهُبٌ، وَالسُّدِّيُّ، وَقَتَادَةُ: اعْتُقِلَ لِسَانُهُ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: كَانَ يَقْرَأُ وَيُسَبِّحُ، وَلَكِنْ لَا يَسْتَطِيعُ كَلَامَ أَحَدٍ. وَقَوْلُهُ: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ وُجُودِ الْوَلَدِ وَفْقَ الْبِشَارَةِ الْإِلَهِيَّةِ لِأَبِيهِ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَنَّ