فِي " تَارِيخِهِ " قَالَ: وَظَهَرَ أَمْرُ رَجُلٍ يُعْرَفُ بِالْحَلَّاجِ يُقَالُ لَهُ: الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَكَانَ فِي حَبْسِ السُّلْطَانِ بِسِعَايَةٍ وَقَعَتْ بِهِ، وَذَلِكَ فِي وِزَارَةِ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى الْأُولَى وَذُكِرَ عَنْهُ ضُرُوبٌ مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَوَضْعِ الْحِيَلِ عَلَى تَضْلِيلِ النَّاسِ مِنْ جِهَاتٍ تُشْبِهُ الشَّعْوَذَةَ وَالسِّحْرَ وَادِّعَاءَ النُّبُوَّةِ فَكَشَفَهُ عَلِيُّ بْنُ عِيسَى عِنْدَ قَبْضِهِ عَلَيْهِ وَانْتَهَى خَبَرُهُ إِلَى السُّلْطَانِ - يَعْنِي الْمُقْتَدِرَ بِاللَّهِ - فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا رُمِيَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَعَاقَبَهُ وَصَلَبَهُ حَيًّا أَيَّامًا مُتَوَالِيَةً فِي رَحْبَةِ الْجِسْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ غُدْوَةً وَيُنَادَى عَلَيْهِ بِمَا ذُكِرَ عَنْهُ ثُمَّ يُنْزَلُ بِهِ ثُمَّ يُحْبَسُ فَأَقَامَ فِي الْحَبْسِ سِنِينَ كَثِيرَةً يُنْقَلُ مِنْ حَبْسٍ إِلَى حَبْسٍ حَتَّى حُبِسَ بِأَخَرَةٍ فِي دَارِ السُّلْطَانِ فَاسْتَغْوَى جَمَاعَةً مِنْ غِلْمَانِ السُّلْطَانِ وَمَوَّهَ عَلَيْهِمْ وَاسْتَمَالَهُمْ بِضُرُوبٍ مِنْ حِيَلِهِ حَتَّى صَارُوا يَحْمُونَهُ وَيَدْفَعُونَ عَنْهُ وَيُرَفِّهُونَهُ، ثُمَّ رَاسَلَ جَمَاعَةً مِنَ الْكُتَّابِ وَغَيْرِهِمْ بِبَغْدَادَ وَغَيْرِهَا فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَتَراقَى بِهِ الْأَمْرُ حَتَّى ذُكِرَ أَنَّهُ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ وَسُعِيَ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى السُّلْطَانِ فَقُبِضَ عَلَيْهِمْ وَوُجِدَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ كُتُبٌ تَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ وَأَقَرَّ بَعْضُهُمْ بِلِسَانِهِ بِذَلِكَ وَانْتَشَرَ خَبَرُهُ وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي قَتْلِهِ فَأَمَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِتَسْلِيمِهِ إِلَى حَامِدِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَأَمَرَ أَنْ يَكْشِفَهُ بِحَضْرَةِ الْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ وَيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَرَى فِي ذَلِكَ خُطُوبٌ طِوَالٌ، ثُمَّ اسْتَيْقَنَ السُّلْطَانُ أَمْرَهُ وَوَقَفَ عَلَى مَا ذُكِرَ لَهُ عَنْهُ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ وَإِحْرَاقِهِ بِالنَّارِ، فَأُحْضِرَ مَجْلِسَ الشُّرْطَةِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِسَبْعٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِمِائَةٍ فَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ سَوْطٍ وَقُطِعَتْ يَدَاهُ