فِي الْكُفْرِ وَالتَّسَتُّرِ بِالْمَسْخَرَةِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65]
[التَّوْبَةِ: 65، 66] .
وَقَدْ كَانَ أَبُو عِيسَى الْوَرَّاقُ مُصَاحِبًا لِابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ - قَبَّحَهُمَا اللَّهُ - فَلَمَّا عَلِمَ النَّاسُ بِأَمْرِهِمَا طَلَبَ السُّلْطَانُ أَبَا عِيسَى، فَأُودِعَ السِّجْنَ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَأَمَّا ابْنُ الرَّاوَنْدِيِّ فَهَرَبَ وَلَجَأَ إِلَى ابْنِ لَاوِي الْيَهُودِيِّ وَصَنَّفَ لَهُ فِي مُدَّةِ مُقَامِهِ عَنْهُ كِتَابَهُ الَّذِي سَمَّاهُ " الدَّامِغَ لِلْقُرْآنِ " فَلَمْ يَلْبَثْ بَعْدَهُ إِلَّا أَيَّامًا يَسِيرَةً حَتَّى مَاتَ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ أُخِذَ وَصُلِبَ.
قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ: وَرَأَيْتُ فِي كِتَابٍ مُحَقَّقٍ أَنَّهُ عَاشَ سِتًّا وَثَلَاثِينَ سَنَةً مَعَ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ مِنَ التَّوَغُّلِ فِي الْمَخَازِي، لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَبَّحَهُ وَلَا رَحِمَ عِظَامَهُ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ الْقَاضِي ابْنُ خَلِّكَانَ فِي " الْوَفَيَاتِ " وَدَلَّسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجْرَحْهُ بِشَيْءٍ وَلَا كَأَنَّ الْكَلْبَ أَكَلَ لَهُ عَجِينًا عَلَى عَادَتِهِ فِي الْعُلَمَاءِ وَالشُّعَرَاءِ، فَالشُّعَرَاءُ يُطِيلُ تَرَاجِمَهُمْ، وَالْعُلَمَاءُ يَذْكُرُ لَهُمْ تَرْجَمَةً يَسِيرَةً،