فَانْتَبَهَ الْأَمِيرُ مِنْ مَنَامِهِ فَسَأَلَ: مَنْ هَاهُنَا مِنَ الْمُحَدِّثِينَ؟ فَذُكِرَ لَهُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَدَخَلَ بِهَا عَلَيْهِمْ وَأَزَالَ اللَّهُ ضَرُورَتَهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمْ.
وَقَدْ بَلَغَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ سِنًّا عَالِيَةً وَكَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ وَلَدًا فَأَتَاهُ يَوْمًا إِنْسَانٌ فَبَشَّرَهُ بِوَلَدٍ ذَكَرٍ قَدْ وُلِدَ لَهُ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ} [إبراهيم: 39] فَاسْتَفَادَ الْحَاضِرُونَ مِنْ ذَلِكَ فَوَائِدَ، مِنْهَا أَنَّهُ قَدْ وُلِدَ لَهُ عَلَى كِبَرِ السِّنِّ وَلَدٌ ذَكَرٌ بَعْدَمَا كَانَ يَسْأَلُ اللَّهَ فِي ذَلِكَ، وَمِنْهَا أَنَّهُ سَمَّاهُ يَوْمَ مَوْلِدِهِ كَمَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدَهُ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ السَّابِعِ، وَمِنْهَا اقْتِدَاؤُهُ بِالْخَلِيلِ فِي تَسْمِيَتِهِ أَوَّلَ وَلَدٍ لَهُ إِسْمَاعِيلَ.
مُوسَى بْنُ هَارُونَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو عِمْرَانَ الْمَعْرُوفُ وَالِدُهُ بِالْحَمَّالِ.
وُلِدَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَسَمِعَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ وَغَيْرَهُمَا وَكَانَ إِمَامَ أَهْلِ عَصْرِهِ فِي حِفْظِ الْحَدِيثِ وَمَعْرِفَةِ الرِّجَالِ وَالْإِتْقَانِ، وَكَانَ ثِقَةً شَدِيدَ الْوَرَعِ عَظِيمَ الْهَيْبَةِ.
قَالَ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْحَافِظُ الْمِصْرِيُّ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ كَلَامًا عَلَى الْحَدِيثِ: عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثُمَّ مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثُمَّ الدَّارَقُطْنِيُّ.