عَمِلَ ثَانِيَهُ فَلَهُ جَائِزَةٌ، وَهُوَ هَذَا الْبَيْتُ:
وَلَمَّا انْتَبَهْنَا لِلْخَيَالِ الَّذِي سَرَى ... إِذَا الدَّارُ قَفْرَى وَالْمَزَارُ بَعِيدُ
قَالَ: فَجَلَسَ الْقَوْمُ مِنْ فُرُشِهِمْ يُفَكِّرُونَ فِي ثَانِيهِ، فَبَدَرَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَقَالَ:
فَقُلْتُ لِعَيْنِي عَاوِدِي النَّوْمَ وَاهْجَعِي ... لَعَلَّ خَيَالًا طَارِقًا سَيَعُودُ
قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ بِهِ الْخَادِمُ إِلَى الْمُعْتَضِدِ، وَقَعَ مِنْهُ مَوْقِعًا جَيِّدًا وَأَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ سَنِيَّةٍ.
وَاسْتَعْظَمَ الْمُعْتَضِدُ يَوْمًا مِنْ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ قَوْلَ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْمَازِنِيِّ الْبَصْرِيِّ:
لَهْفِي عَلَى مَنْ أَطَارَ النَّوْمَ فَامْتَنَعَا ... وَزَادَ قَلْبِي عَلَى أَوْجَاعِهِ وَجَعَا
كَأَنَّمَا الشَّمْسُ مِنْ أَعْطَافِهِ طَلَعَتْ ... حُسْنًا أَوِ الْبَدْرُ مِنْ أَزْرَارِهِ طَلَعَا
مُسْتَقْبَلٌ بِالَّذِي يَهْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ ... مِنْهُ الْإِسَاءَةُ مَعْذُورٌ بِمَا صَنَعَا
فِي وَجْهِهِ شَافِعٌ يَمْحُو إِسَاءَتَهُ ... مِنَ الْقُلُوبِ وَجِيهٌ حَيْثُمَا شَفَعَا
وَلَمَّا كَانَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ - اشْتَدَّ وَجَعُ الْخَلِيفَةِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ، فَاجْتَمَعَ رُؤَسَاءُ الْقُوَّادِ ; مِنْهُمْ يُونُسُ الْخَادِمُ