ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ
فِي خَامِسِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ دَخَلَ الْمُعْتَضِدُ بِزَوْجَتِهِ ابْنَةِ خُمَارَوَيْهِ وَكَانَ قُدُومُهَا بَغْدَادَ صُحْبَةَ عَمِّهَا وَصُحْبَةَ ابْنِ الْجَصَّاصِ وَكَانَ الْخَلِيفَةُ غَائِبًا وَكَانَ دُخُولُهَا إِلَيْهِ يَوْمًا مَشْهُودًا امْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الْمُرُورِ فِي الطُّرُقَاتِ.
وَفِيهَا نَهَى الْمُعْتَضِدُ النَّاسَ أَنْ يَعْمَلُوا فِي يَوْمِ النَّيرُوزِ مَا كَانُوا يَتَعَاطَوْنَهُ مِنْ إِيقَادِ النِّيرَانِ وَصَبِّ الْمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمُشَابِهَةِ لِأَفْعَالِ الْمَجُوسِ وَمَنَعَ مِنْ حَمْلِ هَدَايَا الْفَلَّاحِينَ إِلَى الْمُقْطَعِينِ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأَمَرَ بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ إِلَى الْحَادِي عَشَرَ مِنْ حَزِيرَانَ، وَسُمِّيَ النَّيرُوزَ الْمُعْتَضِدِيَّ وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى الْآفَاقِ وَسَائِرِ الْعُمَّالِ.
فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ قَدِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَاذَرَائِيُّ مِنْ دِمَشْقَ عَلَى الْبَرِيدِ فَأَخْبَرَ الْمُعْتَضِدَ بِاللَّهِ بِأَنَّ خُمَارَوَيْهِ ذَبَحَهُ بَعْضُ خُدَّامِهِ عَلَى فِرَاشِهِ وَوَلَّوْا بَعْدَهُ وَلَدَهُ جِيشًا ثُمَّ قَتَلُوهُ وَنَهَبُوا دَارَهُ ثُمَّ وَلَّوْا هَارُونَ بْنَ خُمَارَوَيْهِ وَقَدِ الْتَزَمَ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَلْفَ أَلْفِ دِينَارٍ وَخَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ تُحْمَلُ إِلَى بَابِ الْخَلِيفَةِ فَأَقَرَّهُ الْمُعْتَضِدُ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ الْمُكْتَفِي عَزَلَهُ وَوَلَّى مَكَانَهُ مُحَمَّدَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْوَاثِقِيَّ فَاصْطَفَى أَمْوَالَ آلِ طُولُونَ وَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِمْ.