وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ الْبَلَاذُرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ: قُلْ مِنَ الشِّعْرِ مَا يَبْقَى لَكَ ذِكْرُهُ، وَيَزُولُ عَنْكَ إِثْمُهُ. فَقُلْتُ:
اسْتَعْدِّي يَا نَفْسُ لِلْمَوْتِ وَاسْعَيْ ... لِنَجَاةٍ فَالْحَازِمُ الْمُسْتَعِدُّ
قَدْ تَبَيَّنْتِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَيِّ ... خُلُودٌ وَلَا مِنَ الْمَوْتِ بُدُّ
إِنَّمَا أَنْتِ مُسْتَعِيرَةٌ مَا سَوْ ... فَ تَرُدِّينَ وَالْعَوَارِي تُرَدُّ
أَنْتِ تَسْهَيْنَ وَالْحَوَادِثُ لَا تَسْ ... هُو وَتَلْهِينَ وَالْمَنَايَا تَجِدُّ
أَيُّ مُلْكٍ فِي الْأَرْضِ أَوْ أَيُّ حَظٍّ ... لِامْرِئٍ حَظُّهُ مِنَ الْأَرْضِ لَحْدُ
لَا تُرَجِّي الْبَقَاءَ فِي مَعْدِنِ الْمَوُ ... تِ وَدَارٍ حُتُوفُهَا لَكِ وِرْدُ
كَيْفَ يَهْوَى امْرُؤٌ لَذَاذَةَ أَيَّا ... مٍ عَلَيْهِ الْأَنْفَاسُ فِيْهَا تُعَدُّ
التِّرْمِذِيُّ.
وَاسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ مُوسَى بْنِ الضَّحَّاكِ. وَقِيلَ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَوْرَةَ بْنِ السَّكَنِ. وَيُقَالُ: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ بْنِ شَدَّادٍ أَبُو عِيسَى السُّلَمِيُّ التِّرْمِذِيُّ الضَّرِيرُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ أَكْمَهَ. وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ فِي زَمَانِهِ، وَلَهُ الْمُصَنَّفَاتُ الْمَشْهُورَةُ، مِنْهَا " الْجَامِعُ " وَ " الشَّمَائِلُ " وَ " أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَكِتَابُ " الْجَامِعِ " أَحَدُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي يَرْجِعُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ فِي سَائِرِ الْآفَاقِ، وَجَهَالَةُ ابْنِ حَزْمٍ لِأَبِي عِيسَى