دَخَلَتْ عَلَى الْمُتَوَكِّلِ تَعُودُهُ مِنْ حُمَّى أَصَابَتْهُ فَقَالَتْ:
أَتَوْنِي فَقَالُوا بِالْخَلِيفَةِ عِلَّةٌ ... فَقُلْتُ وَنَارُ الشَّوْقِ تُوقَدُ فِي صَدْرِي
أَلَا لَيْتَ بِي حُمَّى الْخَلِيفَةِ جَعْفَرٍ ... فَكَانَتْ بِيَ الْحُمَّى وَكَانَ لَهُ أَجْرِي
كَفَى حُزْنًا إِنْ قِيلَ حُمَّ فَلَمْ أَمُتْ ... مِنَ الْحُزْنِ إِنِّي بَعْدَ هَذَا لَذُو صَبْرٍ
جُعِلْتُ فِدَاءً لِلْخَلِيفَةِ جَعْفَرٍ ... وَذَاكَ قَلِيلٌ لِلْخَلِيفَةِ مِنْ شُكْرِ
وَلَمَّا عُوفِيَ دَخَلَتْ عَلَيْهِ فَغَنَّتْهُ مِنْ قِيلِهَا:
شُكْرًا لِأَنْعُمِ مَنْ عَافَاكَ مِنْ سَقَمِ ... دُمْتَ الْمُعَافَى مِنَ الْآلَامِ وَالسَّقَمِ
عَادَتْ بِنُورِكَ لِلْأَيَّامِ بَهْجَتُهَا ... وَاهْتَزَّ نَبْتُ رِيَاضِ الْجُودِ وَالْكَرَمِ
مَا قَامَ للدِّينِ بَعْدَ الْمُصْطَفَى مَلِكٌ ... أَعَفُّ مِنْكَ وَلَا أَرْعَى عَلَى الذِّمَمِ
فَعَمَّرَ اللَّهُ فِينَا جَعْفَرًا وَنَفَى ... بِنُورِ سُنَّتِهِ عَنَّا دُجَى الظُّلَمِ
وَلَهَا فِي عَافِيَتِهِ أَيْضًا:
حَمِدْنَا الَّذِي عَافَى الْخَلِيفَةَ جَعْفَرًا ... عَلَى رُغْمِ أَشْيَاخِ الضَّلَالَةِ وَالْكُفْرِ
وَمَا كَانَ إِلَّا مِثْلَ بَدْرٍ أَصَابَهُ ... كُسُوفٌ قَلِيلٌ ثُمَّ أَجْلَى عَنِ الْبَدْرِ