أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى.
أَبُو سَعِيدٍ الْخَرَّازُ أَحَدُ مَشَاهِيرِ الصُّوفِيَّةِ بِالْعِبَادَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ وَالْوَرَعِ وَالْمُرَاقَبَةِ، وَلَهُ تَصَانِيفُ فِي ذَلِكَ، وَلَهُ كَرَامَاتٌ وَأَحْوَالٌ وَصَبْرٌ عَلَى الشَّدَائِدِ وَضِيقِ الْحَالِ. وَرَوَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ بَشَّارٍ صَاحِبِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ وَغَيْرِهِ، وَعَنْهُ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ.
وَمِنْ جَيِّدِ كَلَامِهِ قَوْلُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إِذَا بَكَتْ أَعْيُنُ الْخَائِفِينَ، فَقَدْ كَاتَبُوا اللَّهَ بِدُمُوعِهِمْ. وَقَوْلُهُ: الْعَافِيَةُ تَسْتُرُ الْبَرَّ وَالْفَاجِرَ، فَإِذَا جَاءَتِ الْبَلْوَى تَبَيَّنَ عِنْدَهَا الرِّجَالُ. وَقَولُهُ: كُلُّ بَاطِنٍ يُخَالِفُهُ ظَاهِرٌ فَهُوَ بَاطِلٌ. وَقَوْلُهُ: الِاشْتِغَالُ بِوَقْتٍ مَاضٍ تَضْيِيعُ وَقْتٍ حَاضِرٍ. وَقَوْلُهُ: ذُنُوبُ الْمُقَرَّبِينَ حَسَنَاتُ الْأَبْرَارِ. وَقَالَ: الرِّضَا قَبْلَ الْقَضَاءِ تَفْوِيضٌ، وَالرِّضَا مَعَ الْقَضَاءِ تَسْلِيمٌ.
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جُبِلَتِ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهَا» . فَقَالَ: يَا عَجَبًا لِمَنْ لَمْ يَرَ مُحْسِنًا غَيْرَ اللَّهِ، كَيْفَ لَا يَمِيلُ إِلَيْهِ بِكُلِّيَّتِهِ؟ ! قُلْتُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلَكِنَّ كَلَامَهُ عَلَيْهِ أَحْسَنُ.