ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا وَجَّهَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ وَلَدَهُ أَبَا الْعَبَّاسِ فِي نَحْوٍ مَنْ عَشْرَةِ آلَافِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ فِي أَحْسَنِ هَيْئَةٍ، وَأَكْمَلِ تَجَمُّلٍ لِقِتَالِ الزَّنْجِ، فَسَارُوا نَحْوَهُمْ، فَكَانَ بَيْنَهُمْ مِنَ الْقِتَالِ وَالنِّزَالِ فِي أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَاتٍ وَوَقَعَاتٍ مَشْهُورَاتٍ مَا يَطُولُ بَسْطُهُ، وَقَدِ اسْتَقْصَاهُ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي " تَارِيخِهِ " مَبْسُوطًا.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ آلَ الْحَالُ، وَانْتَهَى الْحَرْبُ وَالْجِلَادُ وَالْجِدَالُ وَالنِّزَالُ إِلَى أَنِ اسْتَحْوَذَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ الْمُوَفَّقِ عَلَى مَا كَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ الزَّنْجُ بِبِلَادِ وَاسِطَ وَأَرَاضِي دِجْلَةَ، هَذَا وَهُوَ شَابٌّ حَدَثٌ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِالْحَرْبِ، وَلَكِنْ سَلَّمَهُ اللَّهُ وَغَنَّمَهُ، وَأَعْلَى كَلِمَتِهِ، وَسَدَّدَ رَمْيَتَهُ، وَأَجَابَ دَعْوَتَهُ، وَفَتَحَ عَلَى يَدَيْهِ، وَأَسْبَغَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ، وَهَذَا الشَّابُّ هُوَ الَّذِي وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ عَمِّهِ الْمُعْتَمِدُ، وَلُقِّبَ بِالْمُعْتَضِدِ كَمَا سَيَأْتِي.
ثُمَّ رَكِبَ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ نَاصِرُ دِينِ اللَّهِ مِنْ بَغْدَادَ فِي صِفْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فِي جُيُوشٍ كَثِيفَةٍ، فَدَخَلَ وَاسِطَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا، فَتَلَقَّاهُ ابْنُهُ وَأَخْبَرَهُ عَنِ