ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ
فِيهَا قَدِمَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ فِي جَحَافِلَ فَدَخَلَ وَاسِطَ قَهْرًا، فَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَمِدُ بِنَفْسِهِ مِنْ سَامَرَّا لِقِتَالِهِ، فَتَوَسَّطَ بَيْنَ بَغْدَادَ وَوَاسِطَ، فَانْتَدَبَ لَهُ أَبُو أَحْمَدَ الْمُوَفَّقُ بِاللَّهِ أَخُو الْخَلِيفَةِ، فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ عَلَى مَيْمَنَتِهِ مُوسَى بْنُ بُغَا، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ مَسْرُورٌ الْبَلْخِيُّ، فَاقْتَتَلُوا فِي رَجَبٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ أَيَّامًا قِتَالًا عَظِيمًا هَائِلًا، ثُمَّ كَانَتِ الْغَلَبَةُ عَلَى يَعْقُوبَ وَأَصْحَابِهِ، وَذَلِكَ يَوْمَ عِيدِ الشَّعَانِينَ. فَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرُونَ، وَغَنِمَ مِنْهُمْ أَبُو أَحْمَدَ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمِسْكِ وَالدَّوَابِّ. وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ وَجَدُوا فِي جَيْشِ يَعْقُوبَ هَذَا رَايَاتٍ عَلَيْهَا صُلْبَانٌ. ثُمَّ انْصَرَفَ الْمُعْتَمِدُ إِلَى الْمَدَائِنِ وَرَدَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَاهِرٍ إِلَى نِيَابَةِ بَغْدَادَ وَأَمْرِ لَهُ بِخَمْسمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَفِيهَا غُلِبَ يَعْقُوبُ بْنُ اللَّيْثِ عَلَى بِلَادِ فَارِسَ وَهَرَبَ ابْنُ وَاصِلٍ مِنْهَا.
وَفِيهَا كَانَتْ حُرُوبٌ كَثِيرَةٌ بَيْنَ صَاحِبِ الزَّنْجِ وَجَيْشِ الْخَلِيفَةِ.
وَفِيهَا وَلِيَ الْقَضَاءَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ.
وَفِيهَا جُمِعَ لِلْقَاضِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ قَضَاءُ جَانِبَيْ بَغْدَادَ.
وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ الْفَضْلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَبَّاسِيُّ.