تُعَذِّبْنِي فَبِذَنْبِي وَإِنْ تَرْحَمْنِي فَذَلِكَ ظَنِّي بِكَ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، وَتَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ، أَتُهْلِكُ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَمَا حَوْلَهَا وَهِيَ مَسَاكِنُ أَنْبِيَائِكَ، وَمَنْزِلُ وَحْيِكَ؟ يَا رَبِّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ لِمَخْرَبِ هَذَا الْمَسْجِدِ وَمَا حَوْلَهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَمِنَ الْبُيُوتِ الَّتِي رُفِعَتْ لِذِكْرِكَ؟ يَا رَبِّ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ لِمَقْتِكَ هَذِهِ الْأُمَّةَ وَعَذَابِكَ إِيَّاهُمْ وَهُمْ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ، وَأُمَّةِ مُوسَى نَجِيِّكَ، وَقَوْمِ دَاوُدَ صَفِيِّكَ، يَا رَبِّ، أَيُّ الْقُرَى تَأْمَنُ عُقُوبَتَكَ بَعْدَ أُورْشَلِيمَ؟ وَأَيُّ الْعِبَادِ يَأْمَنُونَ سَطْوَتَكَ بَعْدَ وَلَدِ خَلِيلِكَ إِبْرَاهِيمَ، وَأُمَّةِ نَجِيِّكَ مُوسَى، وَقَوْمِ خَلِيفَتِكَ دَاوُدَ؟ تُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ عَبَدَةَ النِّيرَانِ! قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَرْمِيَا مَنْ عَصَانِي فَلَا يَسْتَنْكِرُ نِقْمَتِي ; فَإِنِّي إِنَّمَا أَكْرَمْتُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ عَلَى طَاعَتِي، وَلَوْ أَنَّهُمْ عَصَوْنِي لَأَنْزَلْتُهُمْ دَارَ الْعَاصِينَ، إِلَّا أَنْ أَتَدَارَكَهُمْ بِرَحْمَتِي. قَالَ أَرْمِيَا: يَا رَبِّ، اتَّخَذْتَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَحَفِظْتَنَا بِهِ، وَمُوسَى قَرَّبْتَهُ نَجَّيًا، فَنَسْأَلُكَ أَنْ تَحْفَظَنَا وَلَا تَتَخَطَّفَنَا، وَلَا تُسَلِّطَ عَلَيْنَا عَدُوَّنَا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا أَرْمِيَا إِنِّي قَدَّسْتُكَ فِي بَطْنِ أُمِّكَ، وَأَخَّرْتُكَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ، فَلَوْ أَنَّ قَوْمَكَ حَفِظُوا الْيَتَامَى وَالْأَرَامِلَ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ، لَكُنْتُ الدَّاعِمَ لَهُمْ، وَكَانُوا عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ جَنَّةٍ نَاعِمٍ شَجَرُهَا، طَاهِرٍ مَاؤُهَا، وَلَا يَغُورُ مَاؤُهَا، وَلَا تَبُورُ ثِمَارُهَا، وَلَا تَنْقَطِعُ