الْخَوَارِجِ، فَقَصَدَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: بُنْدَارٌ الطَّبَرِيُّ. فِي نَحْوِ ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَالْتَقَوْا فِي هَذَا الْيَوْمِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ مِنَ الْخَوَارِجِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ، وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ بُنْدَارٍ مِائَتَانِ، وَقِيلَ: وَخَمْسُونَ رَجُلًا. وَقُتِلَ بُنْدَارٌ فِي مَنْ قُتِلَ، رَحِمَهُ اللَّهُ. ثُمَّ صَمَدَ مُسَاوِرٌ إِلَى حُلْوَانَ فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا، وَأَعَانَهُمْ حُجَّاجُ أَهْلِ خُرْسَانَ، فَقَتَلَ مُسَاوِرٌ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ إِنْسَانٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ. وَقُتِلَ مِنْ أَصْحَابِهِ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ أَيْضًا. وَلِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ قُتِلَ وَصِيفٌ التُّرْكِيُّ وَأَرَادَتِ الْعَامَّةُ أَنْ تَنْهَبَ دَارَهُ بِسَامَرَّا وَدُورَ أَوْلَادِهِ، فَلَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ، وَجَعَلَ الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَزُّ مَا كَانَ إِلَيْهِ إِلَى بُغَا الشَّرَابِيِّ.
وَفِي لَيْلَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ خَسَفَ الْقَمَرُ حَتَّى غَابَ أَكْثَرُهُ وَغَرِقَ نُورُهُ، وَعِنْدَ انْتِهَاءِ خُسُوفِهِ مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ نَائِبُ الْعِرَاقِ بِبَغْدَادَ. وَكَانَتْ عِلَّتُهُ قُرُوحًا فِي رَأْسِهِ وَحَلْقِهِ فَذَبَحَتْهُ، وَلَمَّا أُتِيَ بِهِ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ اخْتَلَفَ أَخُوهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَابْنُهُ طَاهِرٌ، أَيُّهُمَا يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَتَنَازَعَا حَتَّى جُذِبَتِ السُّيُوفُ وَتَرَامَى النَّاسُ بِالْحِجَارَةِ، وَصَاحَتِ الْغَوْغَاءُ: يَا طَاهِرُ، يَا مَنْصُورُ. فَمَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ إِلَى الشَّرْقِيَّةِ وَمَعَهُ الْقُوَّادُ وَأَكَابِرُ النَّاسِ، فَدَخَلَ دَارَهُ وَكَانَ أَخُوهُ قَدْ أَوْصَى إِلَيْهِ. وَحِينَ بَلَغَ الْمُعْتَزَّ مَا وَقَعَ بَعَثَ بِالْخِلَعِ وَالْوِلَايَةِ إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ، فَأَطْلَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِلَّذِي قَدِمَ بِالْخِلَعِ خَمْسِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَفِيهَا نَفَى الْخَلِيفَةُ الْمُعْتَزُّ أَخَاهُ أَبَا أَحْمَدَ مِنْ سُرَّ مَنْ رَأَى إِلَى وَاسِطَ ثُمَّ إِلَى