وَطُولُ صِيَاحٍ لِدَاعِي الصَّبَاحِ ... السِّلَاحَ السِّلَاحَ فَمَا يَسْتَفِيقُ

فَهَذَا طَرِيحٌ وَهَذَا جَرِيحٌ ... وَهَذَا حَرِيقٌ وَهَذَا غَرِيقُ

وَهَذَا قَتِيلٌ وَهَذَا تَلِيلٌ ... وَآخَرُ يَشْدُخُهُ الْمِنْجَنِيقُ

هُنَاكَ اغْتِصَابٌ وَثَمَّ انْتِهَابٌ ... وَدُورٌ خَرَابٌ وَكَانَتْ تَرُوقُ

إِذَا مَا سَمَوْنَا إِلَى مَسْلَكٍ ... وَجَدْنَاهُ قَدْ سُدَّ عَنَّا الطَّرِيقُ

فَبِاللَّهِ نَبْلُغُ مَا نَرْتَجِيهِ ... وَبِاللَّهِ نَدْفَعُ مَا لَا نُطِيقُ

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هَذَا الشِّعْرُ يُنْشَدُ لِعَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ فِي فِتْنَةِ الْمَخْلُوعِ وَالْمَأْمُونِ.

وَقَدِ اسْتَمَرَّتِ الْفِتْنَةُ وَالْقِتَالُ بِبَغْدَادَ بَيْنَ أَبِي أَحْمَدَ أَخِي الْمُعْتَزِّ وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ نَائِبِ الْمُسْتَعِينِ، وَالْبَلَدُ مَحْصُورٌ وَأَهْلُهُ فِي ضِيقٍ شَدِيدٍ جِدًّا بَقِيَّةَ شُهُورِ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي وَقَعَاتٍ مُتَعَدِّدَاتٍ، وَأَيَّامٍ نَحِسَاتٍ ; فَتَارَةً يَظْهَرُ أَصْحَابُ أَبِي أَحْمَدَ، وَيَأْخُذُونَ بَعْضَ الْأَبْوَابِ، فَتَحْمِلُ عَلَيْهِمُ الطَّاهِرِيَّةُ فَيُزِيحُونَهُمْ عَنْهَا، وَيَقْتُلُونَ مِنْهُمْ خَلْقًا، ثُمَّ يَتَرَاجَعُونَ إِلَى مَوَاقِفِهِمْ وَيُصَابِرُونَهُمْ مُصَابَرَةً عَظِيمَةً، لَكِنَّ أَهْلَ بَغْدَادَ كُلُّ مَا لَهُمْ إِلَى ضَعْفٍ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمِيرَةِ وَالْجَلَبِ إِلَى دَاخِلِ الْبَلَدِ.

ثُمَّ شَاعَ بَيْنَ الْعَامَّةِ أَنْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ يُرِيدُ أَنْ يَخْلَعَ الْمُسْتَعِينَ وَيُبَايِعَ لِلْمُعْتَزِّ، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرَ السَّنَةِ، فَتَنَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ، وَاعْتَذَرَ إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015