وَيُقَالُ: إِنَّهُ أَنْشَدَ لَمَّا أُحِيطَ بِهِ وَأَيِسَ مِنَ الْحَيَاةِ وَهُوَ فِي السِّيَاقِ:
فَمَا فَرِحَتْ نَفْسِي بِدُنْيَا أَصَبْتُهَا ... وَلَكِنْ إِلَى الرَّبِّ الْكَرِيمِ أَصِيرُ
فَمَاتَ يَوْمَ الْأَحَدِ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَقْتَ صَلَاةِ الْعَصْرِ، عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، قِيلَ: وَسِتَّةِ أَشْهُرٍ. وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إِنَّمَا وَلِيَ الْخِلَافَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لَا أَزْيَدَ مِنْهَا.
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ النَّاسَ يَقُولُونَ، الْعَامَّةَ وَغَيْرَهُمْ حِينَ وَلِيَ الْمُنْتَصِرُ: إِنَّهُ لَا يَمْكُثُ فِي الْخِلَافَةِ سِوَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ، كَمَا مَكَثَ شِيرَوَيْهِ بْنُ كِسْرَى حِينَ قَتَلَ أَبَاهُ لِأَجْلِ الْمُلْكِ، وَكَذَلِكَ وَقَعَ سَوَاءً.
وَقَدْ كَانَ الْمُنْتَصِرُ أَعْيَنَ أَقْنَى قَصِيرًا مَهِيبًا جَيِّدَ الْبَدَنِ، وَهُوَ أَوَّلُ خَلِيفَةٍ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ أُمِّهِ حَبَشِيَّةَ الرُّومِيَّةِ.
وَمِنْ جَيِّدِ كَلَامِهِ قَوْلُهُ: وَاللَّهِ مَا عَزَّ ذُو بَاطِلٍ قَطُّ، وَلَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مِنْ جَبِينِهِ، وَلَا ذَلَّ ذُو حَقٍّ قَطُّ، وَلَوْ أَصْفَقَ الْعَالَمُ عَلَيْهِ.