الْقُضَاةِ وَالْمَظَالِمِ أَيْضًا.
وَفِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِالِاحْتِيَاطِ عَلَى ضِيَاعِ ابْنِ أَبِي دُؤَادٍ، وَأَخَذَ ابْنَهُ أَبَا الْوَلِيدِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي دُؤَادٍ، فَحَبَسَهُ فِي يَوْمِ السَّبْتِ لِثَلَاثٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَأَمَرَ بِمُصَادَرَتِهِ فَحَمَلَ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ مَا يُقَوَّمُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ صُولِحَ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكَانَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ قَدْ أَصَابَهُ الْفَالِجُ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ نَفَى أَهْلَهُ مِنْ سَامَرَّا إِلَى بَغْدَادَ مُهَانِينَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
لَوْ كُنْتَ فِي الرَّأْيِ مَنْسُوبًا إِلَى رَشَدٍ ... وَكَانَ عَزْمُكَ عَزْمًا فِيهِ تَوْفِيقُ
لَكَانَ فِي الْفِقْهِ شُغْلٌ لَوْ قَنِعْتَ بِهِ ... عَنْ أَنْ تَقُولَ كِتَابُ اللَّهِ مَخْلُوقُ
مَاذَا عَلَيْكَ وَأَصْلُ الدِّينِ يَجْمَعُهُمْ ... مَا كَانَ فِي الْفَرْعِ لَوْلَا الْجَهْلُ وَالْمُوْقُ
وَفِي عِيدِ الْفِطْرِ مِنْهَا أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ بِإِنْزَالِ جُثَّةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيِّ، وَالْجَمْعِ بَيْنَ رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ، وَأَنْ يُسَلَّمَ إِلَى أَوْلِيَائِهِ، فَفَرِحَ النَّاسُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَاجْتَمَعَ مِنَ الْعَامَّةِ فِي جِنَازَتِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ جِدًّا، وَجَعَلُوا يَتَمَسَّحُونَ بِهَا، وَبِأَعْوَادِ نَعْشِهِ وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا، ثُمَّ أَتَوْا إِلَى الْجِذْعِ الَّذِي صُلِبَ عَلَيْهِ فَجَعَلُوا يَتَمَسَّحُونَ بِهِ، وَأَرْهَجَ الْعَامَّةُ فِي ذَلِكَ فَرَحًا وَسُرُورًا،