عَلَى تَوْلِيَةِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْوَاثِقِ، فَاسْتَصْغَرُوهُ فَتَرَكُوهُ، وَعَدَلُوا إِلَى جَعْفَرٍ هَذَا، وَكَانَ عُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ سِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ الَّذِي أَلْبَسَهُ خِلْعَةَ الْخِلَافَةِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ الْقَاضِي، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْخِلَافَةِ، وَبَايَعَهُ الْخَاصَّةُ، ثُمَّ الْعَامَّةُ، وَكَانُوا قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى تَسْمِيَتِهِ بِالْمُنْتَصِرِ بِاللَّهِ إِلَى صَبِيحَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دُؤَادٍ: قَدْ رَأَيْتُ أَنْ يُلَقَّبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ. فَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى الْآفَاقِ، وَأَمَرَ بِعَطَاءِ الشَّاكِرِيَّةِ مِنَ الْجُنْدِ ثَمَانِيَةَ شُهُورٍ، وَلِلْمَغَارِبَةِ أَرْبَعَةَ شُهُورٍ، وَلِغَيْرِهِمْ ثَلَاثَةَ شُهُورٍ، وَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِهِ.
وَقَدْ كَانَ الْمُتَوَكِّلُ رَأَى فِي مَنَامِهِ فِي حَيَاةِ أَخِيهِ هَارُونَ الْوَاثِقِ كَأَنَّ شَيْئًا نَزَلَ عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَكْتُوبٌ فِيهِ: جَعْفَرٌ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ فَعَبَرَهَا فَقِيلَ لَهُ: هِيَ الْخِلَافَةُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ أَخَاهُ الْوَاثِقَ فَسَجَنَهُ حِينًا، ثُمَّ أَرْسَلَهُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ أَمِيرُ مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ: الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، وَعَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ.